تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٣ - الصفحة ٢٨٢
وقال أبو بكر بن بالويه: سمعت إمام الأئمة ابن خزيمة يقول: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير. ولقد ظلمته الحنابلة.
وقال أبو محمد الفرغاني: كان محمد بن جرير ممن لا تأخذه في الله لومة لائم، مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد. فأما أهل الدين والعلم فغير منكرين علمه وزهده في الدنيا ورفضه لها، وقناعته بما كان يرد عليه من حصة خلفها له أبوه بطبرستان يسيرة.
وذكر عبيد الله بن أحمد السمسار وغيره أن أبا جعفر بن جرير قال لأصحابه: هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا قالوا: كم قدره) فذكر نحو ثلاثين ألف ورقة. قالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه.
فقال: إنا لله، ماتت الهمم. فأملاه في نحو ثلاثة آلاف ورقة.
ولما أراد أن يملي التفسير قال لهم كذلك، ثم أملاه بنحو من التاريخ.
قال الفرغاني: وحدثني هارون بن عبد العزيز قال: قال لي أبو جعفر الطبري: أظهرت مذهب الشافعي واقتديت به ببغداد عشر سنين، وتلقاه مني ابن بشار الأحوال شيخ ابن سريج.
قال الفرغاني: فلما اتسع علمه أداه بحثه واجتهاده إلى ما اختاره في كتبه. وكتب إليه المراغي أن الخاقاني لما تقلد الوزارة وجه إلى المري بمال كثير، فأبى أن يقبله، فعرض عليه القضاء فامتنع، فعاتبه أصحابه وقالوا: لك هذا ثواب، وتحيي سنة قد درست.
وطمعوا في أن يقبل ولاية المظالم، فانتهزهم وقال: قد كنت أظن أني لو رغبت في ذلك لنهيتموني عنه.
وقال محمد بن علي بن سهل الإمام: سمعت محمد بن جرير وهو يكلم
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»