تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٠٦
بها فظلم وعسف، واستعان من ببغداد من أهل خراسان على يعقوب، فعزم المعتمد على حربه، ورجع يعقوب إلى جوار الري وأخذ يستعد. ودخل نيسابور وصادر أهلها، ثم خرج إلى سجستان.
وجاءت كتب المعتمد إلى أعيان خراسان بالحط على يعقوب وبأن يهتموا له. فأخذ يكاتب الخليفة ويداريه، ويسأله ولاية خراسان وفارس وشرطتي بغداد وسامراء، وأن يعقد أيضا على الري، وطبرستان، وجرجان، وأذربيجان، وكرمان، وسجستان، ففعل ذلك المعتمد بإشارة أخيه الموفق. وكان المعتمد مقهورا مع أخيه الموفق، فاضطربت الموالي بسامرار لذلك وتحركوا.
ثم إن يعقوب لم يلتفت إلى ما أجيب إليه من ذلك، ودخل خوزستان وقارب عسكر مكرم عازما) على حرب المعتمد، وأخذ العراق منه. فوصلت طلائع المعتمد، وأقبلت جيوش يعقوب إلى دير العاقول، ووقع المصاف، فبرز بين الصفين خشتج أحد قواد المعتمد وقال: يأهل خراسان وسجستان ما عرفناكم إلا بالطاعة والتلاوة والحج، وإن دينكم لا يتم إلا بالإتباع. وما نشك أن هذا الملعون قد موه عليكم، فمن تمسك منكم بالإسلام فلينفر عنه. فلم يجيبوه.
وقيل: كان عسكر يعقوب ميلا في ميل، ودوابهم على غاية الفراهة، فوقف المعتمد بنفسه، وكشف الموفق أخوه رأسه وقال: أنا الغلام الهاشمي. وحمل وحمي الحرب، وقتل خلق من الفريقين، فهزم يعقوب وأخذت خزائنه، وما أفلت أحمد من أصحابه إلا جريحا، وأدركهم الليل فوقعوا من الزحمة وأثقلتهم الجراح.
وقال أبو الساج ليعقوب: ما رأيت منك شيئا من تدبير الحرب، فكيف كنت تغلب الناس فإنك جعلت ثقلك وأسراك أمامك، وقصدت بلدا على قلة معرفة منك بمخائضه وأنهاره، وسرت من السوس إلى
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»