تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٩ - الصفحة ٢٦٩
فقال: يا أبا عمرو احفظ ما أقول لك: من زعم من أهل نيسابور، وقومس، والري، وهمدان، وبغداد، والكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، أني قلت لفظي في القرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله. إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.
وقال حاتم بن أحمد الكندي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت واليا ولا عالما فعل به أهل نيسابور ما فعلوا به. استقبلوه مرحلتين وثلاثة. فقال محمد بن يحيى: من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غدا فليستقبله. فاستقبله محمد بن يحيى وعامة العلماء، فقال لنا الذهلي: لا تسألوه عن شيء من الكلام، فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن عليه وقع بيننا وبينه، ثم شمت بنا كل حروري، وكل رافضي وكل جهمي، وكل مرجئ بخراسان.
قال: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل حتى امتلأ السطح والدار فلما كان اليوم الثاني أو الثالث قام إليه رجل، فسأله عن اللفظ بالقرآن، فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا. فوقع بينهم اختلاف، فقال بعض الناس: قال لفظي بالقرآن مخلوق. وقال بعضهم: لم يقل. حتى تواثبوا، فاجتمع أهل الدار وأخرجوهم. وكان قد نزل في دار البخاريين.
وقال أحمد بن سلمة: دخلت على البخاري فقلت: يا أبا عبد الله، هذا رجل مقبول، خصوصا في هذه المدينة، وقد لج في هذا الحديث حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه، فما ترى فقبض على لحيته ثم قال: فأفوض أمري إلى الله، إن الله بصير بالعباد. اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشرا ولا بطرا ولا طلبا للرئاسة. و إنما أبت علي نفسي في الرجوع إلى وطني لغلبة المخالفين. وقد قصدني هذا الرجل حسدا لما آتاني الله لا غير. يا أحمد إني خارج غدا ليتخلصوا من حديثه لأجلي.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»