فقال: يا أبا عمرو احفظ ما أقول لك: من زعم من أهل نيسابور، وقومس، والري، وهمدان، وبغداد، والكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، أني قلت لفظي في القرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله. إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.
وقال حاتم بن أحمد الكندي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت واليا ولا عالما فعل به أهل نيسابور ما فعلوا به. استقبلوه مرحلتين وثلاثة. فقال محمد بن يحيى: من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غدا فليستقبله. فاستقبله محمد بن يحيى وعامة العلماء، فقال لنا الذهلي: لا تسألوه عن شيء من الكلام، فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن عليه وقع بيننا وبينه، ثم شمت بنا كل حروري، وكل رافضي وكل جهمي، وكل مرجئ بخراسان.
قال: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل حتى امتلأ السطح والدار فلما كان اليوم الثاني أو الثالث قام إليه رجل، فسأله عن اللفظ بالقرآن، فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا. فوقع بينهم اختلاف، فقال بعض الناس: قال لفظي بالقرآن مخلوق. وقال بعضهم: لم يقل. حتى تواثبوا، فاجتمع أهل الدار وأخرجوهم. وكان قد نزل في دار البخاريين.
وقال أحمد بن سلمة: دخلت على البخاري فقلت: يا أبا عبد الله، هذا رجل مقبول، خصوصا في هذه المدينة، وقد لج في هذا الحديث حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه، فما ترى فقبض على لحيته ثم قال: فأفوض أمري إلى الله، إن الله بصير بالعباد. اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشرا ولا بطرا ولا طلبا للرئاسة. و إنما أبت علي نفسي في الرجوع إلى وطني لغلبة المخالفين. وقد قصدني هذا الرجل حسدا لما آتاني الله لا غير. يا أحمد إني خارج غدا ليتخلصوا من حديثه لأجلي.