تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٣٨٢
عليه من أولها إلى آخرها، فيأمر بالتوقيع عليها، ويختمها، فيسرني ذلك. وجعلت أنظر إليه، ففطن، ونظر إلي، فغضضت عنه، حتى كان ذلك منه ومني مرارا.
فقال لي: يا صالح في نفسك شيء تحب أن تقوله قلت: نعم. فلما انفض المجلس أدخلت مجلسه فقال: تقول ما دار في نفسك أو أقوله أنا فقلت يا أمير المؤمنين ما ترى. قال: أقول إنك استحسنت ما رأيت منا. فقلت: أي خليفة خليفتنا، إن لم يكن يقول القرآن مخلوق. فورد على قلبي أمر عظيم، ثم قلت: يا نفس هل تموتين قبل أجلك فقلت: نعم. فأطرق ثم قال: اسمع مني، فوالله لتسمعن الحق. فسرى عني وقلت: ومن أولى بالحق منك وأنت خليفة رب العالمين، وابن عم سيد المرسلين قال: ما زلت أقول أن القرآن مخلوق صدرا من أيام الواثق، حتى أقدم شيخا من أذنه فأدخل مقيدا، وهو جميل حسن الشيبة. فرأيت الواثق قد استحيا منه ورق له. فمازال يدنيه حتى قرب منه وجلس، فقال: ناظر ابن أبي دؤاد. فقال: يا أمير المؤمنين إنه يضعف عن المناظرة. فغضب وقال: أبو عبد الله يضعف عن مناظرتك أنت قال: هون عليك، وآئذن لي في مناظرته. فقال: ما دعوناك إلا لهذا. فقال: احفظ علي وعليه، ثم قال: يا أحمد أخبرني عن مقالتك هذه، هي مقالة واجبة داخلة في عقد الدين، فلا يكون الدين كاملا حتى يقال فيه بما قلت قال: نعم. قال: فأخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه الله، هل ستر شيئا مما أمر به قال: لا. قال: فدعا إلى مقالتك هذه؟
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»