تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٣١٢
حين درست معالم الهدى وطفيء نور أهل التقوى، وظهر الجبار المستحل للحرمة والراكب البدعة، فلما رأيت ذلك أشفقت إن غشيتكم ظلمة لا تقلع عنكم على كثرة من ذنوبكم وقسوة من قلوبكم، واشفقت أن يدعو كثيرا من الناس إلى ما هو عليه فيجيبه، فاستخرت الله في أمري ودعوت من أجابني من أهلي وأهل ولايتي، فأراح الله منه البلاد والعباد ولاية من الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، أيها الناس إن لكم عندي إن وليت أموركم أن لا أضع لبنة على لبنة ولا حجرا على حجر، ولا أنقل مالا من بلد حتى أسد ثغره وأقسم بين مسالحه ما يقوون به، فإن أردتم بيعتي على الذي بذلت لكم فأنا لكم، وإن ملت فلا بيعة لي عليكم، وإن رأيتم أحدا أقوى مني عليها فأردتم بيعته فأنا أول من يبايع ويدخل في طاعته، وأستغفر الله لي ولكم.
قال الوليد بن مسلم: ثنا عثمان بن أبي العاتكة قال: أول من خرج بالسلاح في العيد يزيد بن الوليد خرج يومئذ بين صفين من الخيل عليهم السلاح من باب الحصن إلى المصلى.) وعن أبي عثمان الليثي قال: قال يزيد لا ناقص: يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر ويفعل ما يفعل المسكر، فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه فجنبوه لا نساء فإن الغناء داعية الزنا.
وقال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: لما ولي يزيد بن الوليد دعا الناس إلى القدر وحملهم عليه وقرب غيلان أو قال: أصحاب إيلان.
قلت: كان غيلان قد صلبه هشام قبل هذا الوقت بمدة. ولم يمتع يزيد بالخلافة ومات في سابع ذي الحجة من سنة ست وعشرين فكانت خلافته ستة أشهر ناقصة.
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»