تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٧
المسور، ومروان قالا في قصة الحديبية: ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا. فلما أن كان بين مكة والمدينة نزلت عليه سورة الفتح. فكانت القضية في سورة الفتح وما ذكره الله من بيعة الرضوان تحت الشجرة. فلما أمن الناس وتفاوضوا، لم يكلم أحد بالإسلام إلا دخل فيه. فلقد دخل في تينك السنتين في الإسلام أكثر مما كان فيه قبل ذلك. كان صلح الحديبية فتحا عظيما.
وقال ابن لهيعة: ثنا أبو الأسود عن عروة قالوا: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبيية راجعا. فقال رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا بفتح لقد صددنا عن البيت وصد هدينا، وعكف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من المسلمين خرجا فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قول رجال من أصحابه: إن هذا ليس بفتح. فقال: بئس الكلام، هذا أعظم الفتح، لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالرواح عن بلادهم ويسألونكم القضية ويرغبون إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا، وقد أظفركم الله عليهم وردكم سالمين غانمين مأجورين، فهذا أعظم الفتوح. أنسيتم يوم أحد، إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخركم أنسيتم يوم الأحزاب، إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم فقال المسلمون: صدق الله ورسوله، هو أعظم الفتوح والله يا نبي الله.
وقال ابن أبي عروبة، عن قتادة، قال: ظهرت الروم على فارس عند مرجع المسلمين من الحديبية. وقال مثل ذلك عقيل، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
وكانت بين الروم وبين فارس ملحمة مشهودة نصر الله فيها الروم. ففرح المسلمون بذلك، لكون أهل الكتاب في الحملة نصروا على المجوس
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»