وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٧ - الصفحة ٩٠
وباب إلى دار الحديث وشباكان إلى الجهتين وهما متقابلان بحيث إن الذي يقف في أحد المكانين يرى من يكون في المكان الآخر ولما صارت حلب على هذه الصورة قصدها الفقهاء من البلاد وحصل بها الاشتغال والاستفادة وكثر الجمع بها وكان بين والدي رحمه الله تعالى وبين القاضي أبي المحاسن المذكور مؤانسة كثيرة وصحبة صحيحة المودة من زمن الاشتغال بالموصل فجئت إليه وكان أخي قد سبقني بمدة قليلة وكتب سلطان بلدنا الملك المعظم مظفر الدين أبو سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين رحمه الله تعالى المقدم ذكره في حرف الكاف كتابا بليغا في حقنا يقول فيه أنت تعلم ما يلزم من أمر هذين الولدين وأنهما ولدا أخي وولدا أخيك ولا حاجة مع هذا إلى تأكيد وصية وأطال القول في ذلك فتفضل القاضي أبو المحاسن وتلقانا بالقبول والإكرام وأحسن حسب الإمكان وعمل ما يليق بمثله وأنزلنا في مدرسته ورتب لنا أعلى الوظائف وألحقنا بالكبار مع الشبيبة في السن والابتداء في الاشتغال وقد تقدم في ترجمة الشيخ موفق الدين ابن يعيش النحوي تاريخ دخولي إلى حلب فأغنى عن الإعادة ولم نزل عنده إلى أن توفي في التاريخ الآتي ذكره ولم يكن بمدرسته في ذلك الزمان درس عام لأنه كان المدرس بنفسه وكان قد طعن في السن وضعف عن الحركة وحفظ الدروس وإلقائها فرتب أربعة من الفقهاء الفضلاء برسم الإعادة والجماعة يشتغلون عليهم وكنت أنا وأخي نقرأ على الشيخ جمال الدين أبي بكر الماهاني لأنه كان من بلدنا ورفيق والدنا في الاشتغال عند الشيخ عماد الدين أبي حامد محمد بن يونس المقدم ذكره فمات في ثالث شوال سنة سبع وعشرين وستمائة وقد نيف على ثمانين سنة فترددت إلى الشيخ نجم الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن علي المعروف بابن الخباز الموصلي الفقيه
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»