فاتفق أنه بعد هذا القول بمدة قدم رسول نصراني من ملك الروم إلى الخليفة فمضى إليه ابن السقاء وسأله أن يستصحبه وقال له يقع لي أن أترك دين الإسلام وادخل في دينكم فقبله النصراني وخرج معه إلى القسطنطينية والتحق بملك الروم وتنصر ومات على النصرانية قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود المعروف بابن النجار البغدادي في تاريخ بغداد في ترجمة يوسف الهمذاني المذكور سمعت أبا الكرم عبد السلام بن أحمد المقرئ يقول كان ابن السقاء قارئا للقرآن الكريم مجودا في تلاوته حدثني من رآه بالقسطنطينية ملقى على دكة مريضا وبيده خلق مروحة يدفع بها الذباب عن وجهه قال فسألته هل القرآن باق على حفظك فقال ما اذكر منه إلا آية واحدة * (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) * الحجر 2 والباقي أنسيته نعوذ بالله من سوء القضاء وزوال نعمته وحلول نقمته ونسأله الثبات على دين الإسلام آمين آمين آمين قال أبو سعد ابن السمعاني يوسف بن أيوب الهمذاني من أهل بوزنجرد قرية من قرى همذان مما يلي الري الإمام الورع التقي المتنسك العامل بعلمه والقائم بحقه صاحب الأحوال والمقامات الجليلة وإليه انتهت تربية المريدين الصادقين واجتمع برباطه بمدينة مرو جماعة من المنقطعين إلى الله تعالى ما لا يتصور أن يكون في غيره من الربط مثلهم وكان من صغره إلى كبره على طريقة مرضية وسداد واستقامة خرج من قريته إلى بغداد وقصد الإمام أبا إسحاق الشيرازي وتفقه عليه ولازمه مدة مقامه ببغداد حتى برع في الفقه وفاق أقرانه خصوصا في علم النظر وكان الشيرازي يقدمه على جماعة كثيرة من أصحابه مع صغر سنه لعلمه بزهده وحسن سيرته واشتغاله بما يعنيه ثم ترك كل ما كان فيه من المناظرة وخلا بنفسه واشتغل بما هو الأهم من عبادة الله تعالى ودعوة الخلق إليها وإرشاد الأصحاب
(٧٩)