(قد كنت تنصفني المودة راكبا * في الحب من أخطاره ما أركب) (واليوم أقنع أن يمر بمضجعي * في النوم طيف خيالك المتأوب) (ما خلت أن جديد أيام الصبا * يبلى ولا ثوب الشبيبة يسلب) (حتى انجلى ليل الغواية واهتدى * ساري الدجى وانجاب ذلك الغيهب) (وتنافر البيض الحسان فأعرضت * عني سعاد وأنكرتني زينب) (قالت وريعت من بياض مفارقي * ونحول جسمي بان منك الأطيب) (إن تنقمي سقمي فخصرك ناحل * أو تنكري شيبي فثغرك أشنب) قلت لله دره فلقد أجاد في هذا المعنى كل الإجادة غير أنه قد ظن أن الشنب بياض الثغر وعليه بني هذا المعنى حتى تم له مقصوده فإنها لما عيرته بالسقم قابلها بنحول الخصر فقال لها إن كنت نحيلا فخصرك أيضا نحيل فلما أنكرت شيبه قابلها بأن ثغرها أشنب فكأنه قال لها بياض شيبي في مقابلة ثغرك الأشنب وليس الأمر كما أظن فان الشنب في اللغة ليس البياض وإنما هو حدة الأسنان ويقال بردها وعذوبتها والصحيح أنه حدتها وهو دليل على الحداثة لأن الأسنان في أول طلوعها تكون حادة فإذا مرت عليها السنون احتكت وذهبت حدتها وهذا المعنى ينظر إلى قول النابغة الذبياني في جملة قصيدته المشهورة وهو (ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب) وقد تقدم ذكر هذا البيت في ترجمة عروة بن الزبير فيكشف هناك ومثله أيضا ما أنشدني بهاء الدين زهير بن محمد الكاتب المقدم ذكره لنفسه من جملة أبيات وهو قوله (ما فيه من عيب سوى * فتور عينيه فقط)
(٢١٠)