لا يستقل بالأمر ولا ينهض بأعباء الملك واختلفت الأحوال بالشام وكاتب شمس الدين ابن المقدم صلاح الدين فتجهز من مصر في جيش كثيف وترك بها من يحفظها وقصد دمشق مظهرا أنه يتولى مصالح الملك الصالح فدخلها بالتسليم في يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الآخر سنة سبعين وخمسمائة وتسلم قلعتها وكان أول دخوله دار أبيه قلت وهي الدار المعروفة بالشريف العقيقي وهي اليوم في قبالة المدرسة العادلية مشهورة هناك بالعقيقي قال واجتمع الناس إليه وفرحوا به وأنفق في ذلك اليوم مالا جليلا واظهر السرور بالدمشقيين وصعد القلعة وسار إلى حلب فنازل حمص وأخذ مدينتها في جمادى الأولى من السنة ولم يشتغل بقلعتها وتوجه إلى حلب ونازلها في يوم الجمعة سلخ جمادى الأولى من السنة وهي الوقعة الأولى ثم إن سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي صاحب الموصل لما أحس بما جرى علم أن الرجل قد استفحل أمره وعظم شأنه وخاف إن غفل عنه استحوذ على البلاد واستقرت قدمه في الملك وتعدى الأمر إليه فأنفذ عسكرا وافرا وجيشا عظيما وقدم عليه أخاه عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود وساروا يريدون لقاءه ليردوه عن البلاد فلما بلغ صلاح الدين ذلك رحل عن حلب في مستهل رجب من السنة عائدا إلى حماة ورجع إلى حمص فأخذ قلعتها ووصل عز الدين مسعود إلى حلب وأخذ معه عسكر ابن عمه الملك الصالح بن نور الدين صاحب حلب يومئذ وخرجوا في جمع عظيم فلما عرف صلاح الدين بمسيرهم سار حتى وافاهم على قرون حماة وراسلهم وراسلوه واجتهد أن يصالحوه فما صالحوه ورأوا أن ضرب المصاف معه ربما نالوا به غرضهم والقضاء يجر إلى أمور وهم بها لا يشعرون فتلاقوا فقضى الله تعالى أن انكسروا بين يديه واسر جماعة منهم فمن عليهم وذلك في تاسع شهر رمضان من
(١٦٦)