إلا أنهم لم يكن عندهم أجناد ولا أنجاد من الرجال فزحفوا عليهم وغلبوهم فلما علم المعتصم بن صمادح أنه مغلوب دخل قصره فأدركه أسف قضى عليه فمات من ليلته فاشتغل أهله به فسلموا المدينة ثم نازلوا المتوكل عمر بن الأفطس ببطليوس وكان رجلا شجاعا عظيم القدر كبير البيت وكان أبوه المظفر بالله أبو بكر محمد بن عبد الله بن مسلمة التجيبي من فحول العلماء وكان ملكا له تصانيف أعظمها وأشهرها الكتاب المنسوب إليه وهو المظفري في علم التاريخ وكانت مدينته بطليوس من أجمل البلاد لم يذعن ولا أقبل على غير المدافعة والقتال إلى أن خامر عليه أصحابه فقبض عليه باليد وعلى ولدين له فقتلوا صبرا وحمل أولاده الأصاغر إلى مراكش وسائر ملوك الجزيرة سلموا وتحولوا إلى بر العدوة إلا ما كان من المعتمد بن عباد فإن سير ابن أبي بكر لما فرغ من ملوك الجزيرة كتب إلى يوسف بن تاشفين أنه لم يبق بالجزيرة من ملوكها غير المعتمد بن عباد فارسم في أمره بما تراه فأمره بقصده وأن يعرض عليه التحول إلى بر العدوة بأهله وماله فإن فعل فبها ونعمت وإن أبى فنازله فلما عرض عليه سير ابن أبي بكر ذلك لم يعطه جوابا فنازله وحاصره اشهرا ثم دخل عليه البلد قهرا واستخرجه من قصره قسرا فحمل إلى العدوة مقيدا فأنزل بأغمات وأقام بها إلى أن مات ولم يعتقل من ملوك الأندلس غيره وتسلم سير ابن أبي بكر الجزيرة كلها واستحوذ عليها فمات يوسف بن تاشفين في التاريخ الآتي ذكره إن شاء الله تعالى وأفضى الملك إلى ولده أبي الحسن علي بن يوسف وكان رجلا حليما وقورا صالحا عدلا منقادا للحق والعلماء تجبى إليه الأموال من البلاد لم يزعزعه عن سريره قط حادث ولا طاف به مكروه قلت قد تقدم في ترجمة أبي نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله بن خاقان القيسي صاحب قلائد العقيان أنه جمع الكتاب المذكور باسم إبراهيم بن يوسف بن تاشفين
(١٢٣)