وأن الذي أشار بقتل الفتح المذكور هو علي بن يوسف بن تاشفين المذكور ثم ولي بعده ولده تاشفين بن علي بن يوسف وعلى يده انقرض ملكهم وسيأتي شرح ذلك مفصلا إن شاء الله تعالى وقد تقدم في أوائل هذه الترجمة أن يوسف بن تاشفين هو الذي اختط مدينة مراكش قال صاحب هذا الكتاب الذي نقلت منه هذه الترجمة في آخر الكتاب إن مراكش مدينة عظيمة بناها الأمير يوسف بن تاشفين بموضع كان اسمه مراكش معناه امش مسرعا بلغة المصامدة كان ذلك الموضع مأوى اللصوص وكان المارون فيه يقولون لرفقائهم هذه الكلمة فعرف الموضع بها وقال غير مؤلف هذا الكتاب بنى ابن تاشفين مدينة مراكش في سنة خمس وستين وأربعمائة قاله أبو الخطاب ابن دحية في كتابه الذي سماه النبراس في خلافة القائم بأمر الله قال وكانت مزرعة لأهل نفيس فاشتراها منهم بماله الذي خرج به من الصحراء ونفيس بفتح النون وتشديد الفاء وسكون الياء المثناة من تحتها جبل مطل على مراكش قلت وهي بنواحي أغمات في المغرب الأقصى وذلك أنه لما توطنت نفسه على الملك وأطاعته قبائل البربر وذهب من يخالفه من لمتونة سمت همته إلى بناء هذه المدينة وكان في موضعها قرية صغيرة في غابة من الشجر وبها قوم من البربر فاختطها يوسف وبنى بها القصور والمساكن الأنيقة وهي في مرج فسيح وحولها جبال على فراسخ منها وبالقرب منها جبل لا يزال عليه الثلج وهو الذي يعتدل مزاجها وحرها وفي سنة أربع وستين وأربعمائة نزل يوسف على مدينة فاس وكانت إذ ذاك من قواعد بلاد المغرب العظام وضيق على أهلها ثم أخذها فأقر العامة بها ونفى البربر والجند بعد أن حبس بعضهم وقتل بعضهم فعند ذلك قوي شأنه وتمكن بالمغرب الأقصى والأدنى سلطانه مع ما صار بيده من بلاد جزيرة الأندلس كما شرحناه وكان حازما سائسا للأمور ضابطا
(١٢٤)