ولا يحسن ذكره والفراش يقول لا تدخل والبواب يقول لا تخرج وقد تحير العبد في البين والأمر في الشدة فإن رأى سيدنا الوزير أن يفسح لعبده بأن يعمل ما يحتاج إليه في خلائه فعل إن شاء الله تعالى والسلام ودفع الرقعة إلى بعض الحجاب فأوصلها إلى الوزير فلم يعلم ما أراد بالرقعة فاستعلم ما الصورة فعرف بها فضحك واستلقى على ظهره ووقع على ظهر الرقعة يخرى أبو سعيد أعزه الله بحيث يختار إن شاء الله تعالى فجاءه الحاجب بها فأخذه ودفعه إلى الفراش وقال هذا ما طلبت وهو توقيع سيدنا الوزير فقال الفراش التوقيعات يقرؤها أبو العلاء ابن أبرونا كاتب ديوان الدار وأنا لا أحسن أن أكتب ولا أقرأ فصاح ماهك في الدار هات من يقرأ في الدار صك الخرا فضحك فراش آخر وأخذ بيده وحمله إلى بعض الحجر حتى قضى حاجته ونقلت من هذا الكتاب أيضا أن أرطأة بن سهية دخل على عبد الملك ابن مروان وكان قد أدرك الجاهلية والإسلام فرآه عبد الملك شيخا كبيرا فاستنشده ما قاله في طول عمره فأنشده (رأيت المرء تأكله الليالي * كأكل الأرض ساقطة الحديد) (وما تبغي المنية حين تأتي * على نفس ابن آدم من مزيد) (واعلم أنها ستكر حتى * توفي نذرها بأبي الوليد) فارتاع عبد الملك وظن أنه عناه لأنه كان يكنى أبا الوليد وعلم أرطأة بسهوه وزلته فقال يا أمير المؤمنين إني أكنى بأبي الوليد وصدقه الحاضرون فسري عن عبد الملك قليلا
(١٠٣)