وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٦ - الصفحة ٢١٧
بعد أن فوض الأمر من بعده إلى ولده أبي يحيى الحسن بن علي بن يحيى (321) ومولد الحسن المذكور بمدينة سوسة في رجب سنة اثنتين وخمسمائة فكان عمره يوم ولايته اثنتي عشرة سنة وتسعة أشهر ولما كان ثاني يوم وفاة أبيه خرج للناس فسلموا عليه وهنئوه بما صار إليه ثم ركب والجيوش محتفة به وجرت في أيامه وقائع وأمور يطول شرحها فمن ذلك أن رجار الفرنجي صاحب صقلية أخذ طرابلس الغرب عنوة بالسيف في يوم الثلاثاء سادس المحرم سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وقتل أهلها وسبى الحريم والأطفال وأخذ الأموال ثم شرع في عمارتها وتحصينها بالرجال والعدد ثم أخذ المهدية يوم الاثنين ثاني عشر صفر سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة وذلك أن الحسن بن علي لما علم عجزه عن مقاومته خرج من المهدية هاربا وقد استصحب ما خف عليه حمله من النفائس وخرج أهل البلد أيضا هاربين إلا من أقعده العجز عن الهرب فدخل إليه الفرنج وملكوه وصادفوا فيه من الأموال والذخائر ما لا يعد ولا يحصى وكان عدة من ملك من أهل بيتهم وأولهم زيري المقدم ذكره في حرف الزاي إلى هذا الحسن بن علي تسعة ملوك ومدة ولايتهم مائتا سنة وثمان سنين وانقرضت دولة بني باديس ثم إن الحسن بن علي توجه نحو المعلقة وهي قلعة حصينة بإفريقية تجاور تونس وكان صاحبها أبا محفوظ محرز بن زياد أحد أمراء العرب فأقام عنده قليلا ثم ظهر له منه الضجر والسآمة فعزم على قصد الديار المصرية ليكون عند الحافظ العبيدي صاحبها يومئذ فنمي خبره إلى نائب رجار بالمهدية فجعل عليه العيون وعمل عشرين شينيا ليمسكه في البحر فبلغ الحسن ذلك فرجع عن هذا الرأي ثم قصد أن يتوجه إلى جهة عبد المؤمن بن علي بمراكش وأنفذ ثلاثة من أولاده إلى صاحب بجاية وهي آخر أعمال إفريقية ليستأذنه في الوصول إليه وبعد ذلك يتوجه إلى عبد المؤمن فأضمر له الغدر وخاف من اجتماعه
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»