وسأل المأمون اليزيدي عن شيء فقال لا وجعلني الله فداك يا أمير المؤمنين فقال لله درك ما وضعت الواو قط في موضع أحسن من موضعها في لفظك هذا ووصله وحمله وقال اليزيدي دخلت على المأمون يوما والدنيا غضة وعنده نعم تغنيه وكانت من أجمل أهل دهرها فأنشدت (وزعمت أني ظالم فهجرتني * ورميت في قلبي بسهم نافذ) (فنعم هجرتك فاغفري وتجاوزي * هذا مقام المستجير العائذ) (هذا مقام فتى أضر به الهوى * قرح الجفون بحسن وجهك لائذ) (ولقد أخذتم من فؤادي أنسه * لا شل ربي كف ذاك الآخذ) فاستعادها المأمون الصوت ثلاث مرات ثم قال يا يزيدي أيكون شيء أحسن مما نحن فيه قلت نعم يا أمير المؤمنين قال وما هو قلت الشكر لمن خولك هذا الإنعام العظيم الجليل فقال أحسنت وصدقت ووصلني وأمر بمائة ألف درهم يتصدق بها فكأني أنظر إلى البدر وقد أخرجت والمال يفرق وشكا اليزيدي إلى المأمون حاجة أصابته ودينا لحقه فقال ما عندنا في هذه الأيام ما إن أعطيناكه بلغت به ما تريد فقال يا أمير المؤمنين إن الأمر قد ضاق علي وإن غرمائي قد أرهقوني فاحتل لي فأفكر المأمون واستقر الأمر على أن يحضر اليزيدي إلى الباب إذا جلس المأمون في مجلس الأنس وعنده ندماؤه ويكتب رقعة يطلب فيها الدخول أو إخراج بعض الندماء إليه فلما جلس المأمون حضر اليزيدي إلى الباب ودفع للخادم رقعة مختومة فأدخلها إلى
(١٨٥)