عن اللباس فهم في صورة عار وزيهم زي كأس وما أسرع ما خيط لهم لباسها المحمر غير أنه لم يجب عليهم ولم يزر وما لبسوه حتى لبس الإسلام شعار النصر الباقي على الدهر وهو شعار نسجه السنان الخارق لا الصنع الحاذق ولم يغب عن لابسه إلا ريثما غابت البيض في الطلى والهام وألف الطعن بين ألف الخط واللام وأول هذا الفصل مأخوذ من قول البحتري (سلبوا وأشرقت الدماء عليهم * محمرة فكأنهم لم يسلبوا) وله رسالة يصف فيها الديار المصرية وهي طويلة ومن جملتها فصل في صفة نيلها وقت زيادته وهو معنى بديع غريب لم أقف لغيره على أسلوبه وهو قوله وعذب رضابه فضاهى جنى النحل واحمر صفيحه فعلمت أنه قد قتل المحل وهذا المعنى نهاية في الحسن ثم إني وجدت هذا المعنى لبعض العرب وقد أخذ ضياء الدين منه وهو قوله (لله قلب ما يزال يروعه * برق الغمامة منجدا أو مغورا) (ما احمر في الليل البهيم صفيحه * متجردا إلا وقد قتل الكرى) ولقد أحسن في أخذه وتلطف في نقله إلى هذا المعنى ومثله قول عبد الله ابن المعتز المقدم ذكره في غلام أرمد (قالوا اشتكت عينه فقلت لهم * من كثرة القتل مسها الوصب) (حمرتها من دماء من قتلت * والدم في النصل شاهد عجب)
(٣٩٥)