وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٣٩٢
(المثل السائر يا سيدي * صنفت فيه الفلك الدائرا) (لكن هذا فلك دائر * تصير فيه المثل السائرا) 283 وكانت ولادة عز الدين المذكور بالمدائن يوم السبت مستهل ذي الحجة سنة ست وثمانين وخمسمائة وتوفي في بغداد سنة خمس وخمسين وستمائة 284 وتوفي أخوه موفق الدين المذكور ببغداد في سنة ست وخمسين وستمائة بعد أن أخذها التتر بقليل وكانا فقيهين أديبين فاضلين لهما أشعار مليحة ومولد الموفق المذكور في جمادى الآخرة وقيل في شهر ربيع الأول سنة تسعين وخمسمائة بالمدائن وله كتاب الوشي المرقوم في حل المنظوم وهو مع وجازته في غاية الحسن والإفادة وله كتاب المعاني المخترعة في صناعة الإنشاء وهو أيضا نهاية في بابه وله مجموع اختار فيه شعر أبي تمام والبحتري وديك الجن والمتنبي وهو في مجلد واحد كبير وحفظه مفيد وقال أبو البركات ابن المستوفي في تاريخ إربل نقلت من خطه في آخر هذا الكتاب المختار ما مثاله (تمتع به علقا نفيسا فإنه اختيار * بصير بالأمور حكيم) (أطاعته أنواع البلاغة فاهتدى * إلى الشعر من نهج إليه قويم) وله أيضا ديوان ترسل في عدة مجلدات والمختار منه في مجلد واحد ومن جملة رسائله ما كتبه إلى مخدومه وقد سافر في زمن الشتاء والبرد الشديد وينهي أنه سار عن الخدمة وقد ضرب الدجن فيه مضاربه وأسبل عليه ذوائبه وجعل كل قرارة حفيرا وكل ربوة غديرا وخط كل أرض خطا وغادر كل جانب شطا كأنه يوازي يد مولانا في شيمة كرمها والتثاث صوب ديمها والمملوك يستغفر الله من هذا التمثيل العاري عن فائدة التحصيل وفرق بين ما يملأ الوادي بمائه ومن يملأ النادي بنعمائه وليس ما ينبت زهرا يذهبه المصيف أو تمرا يأكله الخريف كمن ينبت ثروة تغوث الأعطاف ويأكل المرتبع والمصطاف ثم استمر على مسير يقاسي الأرض ووحلها والسماء ووبلها ولقد جاد حتى أضجر وأسرف حتى اتصل بره بالعقوق وما خاف
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»