وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٣٩١
مستترا وله في كيفية خروجه مستخفيا رسالة طويلة شرح فيها حاله وهي موجودة في ديوان رسائله وغاب عن مخدومه الملك الأفضل مديدة ولما استقر الأفضل في سميساط عاد إلى خدمته وأقام عنده مدة ثم فارقه في ذي القعدة من سنة سبع وستمائة واتصل بخدمة أخيه الملك الظاهر صاحب حلب المقدم ذكره فلم يطل مقامه عنده ولا انتظم أمره وخرج مغضبا وعاد إلى الموصل فلم يستقم حاله فورد إربل فلم يستقم حاله فسافر إلى سنجار ثم عاد إلى الموصل واتخذها دار إقامته واستقر وكتب الإنشاء لصاحبها ناصر الدين محمود ابن الملك القاهر عز الدين مسعود بن نور الدين أرسلان شاه المقدم ذكره في حرف الهمزة وأتابكه يومئذ الأمير بدر الدين لؤلؤ أبو الفضائل النوري وذلك في سنة ثماني عشرة وستمائة ولقد ترددت إلى الموصل من إربل أكثر من عشر مرات وهو مقيم بها وكنت أود الاجتماع به لآخذ عنه شيئا ولما كان بينه وبين الوالد رحمه الله تعالى من المودة الأكيدة فلم يتفق ذلك ثم فارقت بلاد المشرق وانتقلت إلى الشام وأقمت به مقدار عشر سنين ثم انتقلت إلى الديار المصرية وهو في قيد الحياة ثم بلغني بعد ذلك خبر وفاته وأنا بالقاهرة وسيأتي تاريخه في أواخر الترجمة إن شاء الله تعالى ولضياء الدين من التصانيف الدالة على غزارة فضله وتحقيق نبله كتابه الذي سماه المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر وهو في مجلدين جمع فيه فأوعب ولم يترك شيئا يتعلق بفن الكتابة إلا ذكره ولما فرغ من تصنيفه كتبه الناس عنه فوصل إلى بغداد منه نسخة فانتدب له الفقيه الأديب عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن حسين بن أبي الحديد المدائني وتصدى لمؤاخذته والرد عليه وعنته في ذلك وجمع هذه المؤاخذات في كتاب سماه الفلك الدائر على المثل السائر فلما أكمله وقف عليه أخوه موفق الدين أبو المعالي أحمد ويدعى القاسم أيضا فكتب إلى أخيه المذكور قوله
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»