وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٣٩٤
ومن رسائل ضياء الدين ما كتبه عن مخدومه إلى الديوان العزيز من جملة رسالة وهي ودولته هي الضاحكة وإن كان نسبها إلى العباس فهي خير دولة أخرجت للزمن كما أن رعاياها خير أمة أخرجت للناس ولم يجعل شعارها من لون الشباب إلا تفاؤلا بأنها لا تهرم وأنها لا تزال محبوة من أبكار السعادة بالحب الذي لا يسلى والوصل الذي لا يصرم وهذا معنى اخترعه الخادم للدولة وشعارها وهو مما لم تخطه الأقلام في صحفها ولا أجالته الخواطر في أفكارها ولعمري ما أنصف ضياء الدين في دعواه الاختراع لهذا المعنى وقد سبقه إليه ابن التعاويذي في قصيدته السينية التي مدح بها الإمام الناصر لدين الله أبا العباس أحمد أول يوم جلس في دست الخلافة وهو يوم الأحد مستهل ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة وأول القصيدة (طاف يسعى بها على الجلاس * كقضيب الأراكة المياس) ومنها عند المخلص وهو المقصود بالذكر هاهنا (يا نهار المشيب من لي وهيهات * بليل الشبيبة الديماس) (حال بيني وبين لهوي وأطرا * بي دهر أحال صبغة رأسي) (ورأى الغانيات شيبي فأعرضن * وقلن السواد خير لباس) (كيف لا يفضل السواد وقد أضحى * شعارا على بني العباس) ولا شك أن ضياء الدين زاد على هذا المعنى لكن ابن التعاويذي هو الذي فتح الباب وأوضح السبيل فسهل على ضياء الدين سلوكه وله من جملة رسائله في ذكر العصا التي يتوكأ عليها الشيخ الكبير وهو معنى غريب وهذا لمبتدأ ضعفي خبر ولقوس ظهري وتر وإن كان إلقاؤها دليلا على الإقامة فإن حملها دليل على السفر وله في وصف المسلوبين من جملة كتاب يتضمن البشرى بهزيمة الكفار وهو فسلبوا وعاضتهم الدماء
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»