وحكى أبو بكر محمد وأبو عثمان سعيد ابنا هاشم الخالديان الشاعران المشهوران في كتاب الهدايا والتحف أن الخبزأرزي أهدى إلى ابن يزداد والي البصرة فصا وكتب معه (أهديت ما لو أن أضعافه * مطرح عندك ما بانا) (كمثل بلقيس التي لم يبن * إهداؤها عند سليمانا) (هذا امتحان لك إن ترضه * بان لنا أنك ترضانا) والشيء بالشيء يذكر وجدت في هذا الكتاب نادرة طريفة فأحببت ذكرها وهي كان بأصبهان رجل حسن النعمة واسع النفس كامل المروءة يقال له سماك بن النعمان وكان يهوى مغنية من أهل أصبهان لها قدر ومعنى تعرف بأم عمرو فلإفراط حبه إياها وصبابته بها وهبها عدة من ضياعه وكتب عليه بذلك كتبا وحمل الكتب إليها على بغل فشاع الخبر بذلك وتحدث الناس به واستعظموه وكان بأصبهان رجل متخلف بين الركاكة يهوى مغنية أخرى فلما اتصل به ذلك ظن بجهله وقلة عقله أن سماكا أهدى إلى أم عمرو جلودا بيضا لا كتابة فيها وأن هذا من الهدايا التي تستحسن ويجل موقعها عند من تهدى إليه فابتاع جلودا كثيرة وحملها على بغلين لتكون هديته ضعف هدية سماك وأنفذها إلى التي يحب فلما وصلت الجلود إليها ووقفت على الخبر فيها تغيظت عليه وكتبت إليه رقعة تشتمه وتحلف أنها لا تكلمه أبدا وسألت بعض الشعراء أن يعمل أبياتا في هذا المعنى لتودعها الرقعة ففعل وكانت الأبيات (لا عاد طوعك من عصاكا * وحرمت من وصل مناكا) (فلقد فضحت العاشقين * بقبح ما فعلت يداكا)
(٣٨٠)