وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٤٠
فحاربه ابن عمه منذر بن يحيى التجيبي فاستظهر عليه وعجز عن دفعه لكثرة رجاله وترك له مدينة وشقة وفر بنفسه ولم يبق له بالبلد علقة وكان صاحب رأي ودهاء ولسان وعارضة لم يكن في أصحاب السيوف من يعدله في هذه الخلال في ذلك العصر 208 وكان ولده معن والد المعتصم مصاهرا لعبد العزيز بن أبي عامر صاحب بلنسية فلما قتل زهير مولى أبيه وكان صاحب المرية وثب عبد العزيز على المرية فملكها لكونها كانت لمولاهم فحسده على ذلك مجاهد بن عبد الله العامري المكني أبا الجيش صاحب دانية فخرج قاصدا بلاد عبد العزيز وهو بالمرية مشتغل في تركة زهير فلما سمع بخروج مجاهد خرج من المرية مبادرا لاستصلاحه واستخلف بها صهره ووزيره معن بن صمادح والد المعتصم فخانه في الأمانة وغدر به وطرده عن الإمارة فلم يبق في ملوك الطوائف بالأندلس أحد إلا ذمه على هذه الفعلة إلا أنه تم له الأمر واستتب فلما مات انتقل الملك إلى ولده المعتصم وتسمى بأسماء الخلفاء وكان رحب الفناء جزل العطاء حليما عن الدماء طافت به الآمال واتسع في مدحه المقال وأعملت إلى حضرته الرحال ولزمه جماعة من فحول الشعراء كأبي عبد الله ابن الحداد وغيره وله أشعار حسنة فمن ذلك ما كتبه إلى أبي بكر ابن عمار الأندلسي المقدم ذكره يعاتبه (وزهدني في الناس معرفتي بهم * وطول اختباري صاحبا بعد صاحب) (فلم ترني الأيام خلا تسرني * بواديه إلا ساءني في العواقب) (ولا صرت أرجوه لدفع ملمة * من الدهر إلا كان إحدى النوائب) فكتب إليه ابن عمار جوابها وهي أبيات كثيرة فلا حاجة إلى ذكرها ومن شعره أيضا (يا من بجسمي لبعده سقم * ما منه غير الدنو يبريني)
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»