عبيد الله بن أبي بكرة فورد المهلب خراسان واليا عليها سنة تسع وسبعين للهجرة وكان قد أصيب بعينه على سمرقند لما فتحها سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله عنه في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فإنه كان معه في تلك الغزوة وفي تلك الغزوة تلك قلعت عين سعيد أيضا وفيها قلعت أيضا عين طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي المعروف بطلحة الطلحات المشهور بالكرم والجود وفي ذلك يقول المهلب (لئن ذهبت عيني لقد بقيت نفسي * وفيها بحمد الله عن تلك ما ينسي) (إذا جاء أمر الله أعيا خيولنا * ولا بد أن تعمى العيون لدى الرمس) وقيل إن المهلب قلعت عينه على الطالقان ولم يزل المهلب واليا بخراسان حتى أدركته الوفاة هناك ولما حضره أجله عهد إلى ولده يزيد الآتي ذكره إن شاء الله تعالى وأوصاه بقضايا وأسباب ومن جملة ما قال له يا بني استعقل الحاجب واستظرف الكاتب فإن حاجب الرجل وجهه وكاتبه لسانه ثم توفي في ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين للهجرة بقرية يقال لها زاغول من أعمال مرو الروذ من ولاية خراسان رحمه الله تعالى وله كلمات لطيفة وإشارات مليحة تدل على مكارمه ورغبته في حسن السمعة والثناء الجميل فمن ذلك قوله الحياة خير من الموت والثناء الحسن خير من الحياة ولو أعطيت ما لم يعطه أحد لأحببت أن تكون لي أذن أسمع بها ما يقال في غدا إذا مت وقد قيل إن هذا الكلام لولده يزيد والله أعلم وكان المهلب يقول لبنيه يا بني أحسن ثيابكم ما كان على غيركم وقد أشار إلى هذا أبو تمام الطائي فيما كتبه إلى من يطلب منه كسوة (فأنت العليم الطب أي وصية * بها كان أوصى في الثياب المهلب)
(٣٥٣)