وكان أبو دلف المذكور كريما سريا جوادا ممدحا شجاعا مقدما ذا وقائع مشهورة وصنائع مأثورة أخذ عنه الأدباء والفضلاء وله صنعة في الغناء وله من الكتب كتاب البزاة والصيد وكتاب السلاح وكتاب النزه وكتاب سياسة الملوك وغير ذلك ولقد مدحه أبو تمام الطائي بأحسن المدائح وكذلك بكر بن النطاح وفيه يقول (يا طالبا للكيمياء وعلمه * مدح ابن عيسى الكيمياء الأعظم) (لو لم يكن في الأرض إلا درهم * ومدحته لأتاك ذاك الدرهم) ويحكى أنه أعطاه على هذين البيتين عشرة آلاف درهم فأغفله قليلا ثم دخل عليه وقد اشترى بتلك الدراهم قرية في نهر الأبلة فأنشده (بك ابتعت في نهر الأبلة قرية * عليها قصير بالرخام مشيد) (إلى جنبها أخت لها يعرضونها * وعندك مال للهبات عتيد) فقال له كم ثمن هذه الأخت فقال عشرة آلاف درهم فدفعها له ثم قال له تعلم أن نهر الأبلة عظيم وفيه قرى كثيرة وكل أخت إلى جانبها أخرى وإن فتحت هذا الباب اتسع علي الخرق فاقنع بهذه ونصطلح عليها فدعا له وانصرف وقد ألم أبو بكر محمد بن هاشم أحد الخالديين بمعنى قول بكر بن النطاح المذكور في البيتين الأولين فقال (وتيقن الشعراء أن رجاءهم * في مأمن بك من وقوع الياس) (ما صح علم الكيمياء لغيرهم * فيمن عرفنا في جميع الناس)
(٧٤)