ثم إن الفضل بن الربيع خاف من المأمون إن انتهت الخلافة إليه فزين للأمين أن يخلع المأمون من ولاية العهد ويجعل ولي عهده موسى بن الأمين وحصلت الوحشة بين الأخوين إلى أن سير المأمون جيشا من خراسان مقدمه طاهر بن الحسين المقدم ذكره بإشارة وزيره الفضل بن سهل وأخرج الأمين من بغداد جيشا بإشار وزيره الفضل بن الربيع المذكور مقدمه علي بن عيسى ابن ماهان فالتقيا وقتل علي بن عيسى وذلك في سنة أربع وتسعين ومائة ثم اضطربت أحوال الأمين وقويت شوكة المأمون فلما رأى الفضل ابن الربيع الأمور مختلة استتر في رجب سنة ست وتسعين ومائة ثم ظهر لما ادعى إبراهيم بن المهدي الخلافة ببغداد كما ذكرته في ترجمته واتصل به ابن الربيع فلما إختل حال إبراهيم استتر ابن الربيع ثانيا وشرح ذلك يطول وخلاصته أن طاهر بن الحسين سأل المأمون الرضا عنه فأدخله عليه وقيل غير ذلك إلا أنه لم يزل بطالا إلى أن مات ولم يكن له في دولة المأمون حظ والله أعلم وكتب إليه أبو نواس يعزيه في الرشيد ويهنئه بولاية ولده الأمين:
(تعز أبا العباس عن خير هالك * بأكرم حي كان أو هو كائن) (حوادث أيام تدور تدور صروفها * لهن مساو مرة ومحاسن) (وفى الحي بالميت الذي غيب الثرى * فلا أنت مغبون ولا الموت غابن) وفيه أيضا قال أبو نواس من جملة أبيات:
(وليس لله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد)