أدبك لأحسن جهاته من العذر لأنه كان يقال إن للقادم دهشة اجلس أعزك الله عندنا وأومأ إلى موضع من حصيره ينفضه كأنه يوسعه لي فعزمت على الدنو فناداني ابن أبي خميصة إياك إياك فاحجمت عن ذلك ووقفت ناحية أستجلب مخاطبته وارصد الفائدة منه ثم قال لي وقد رأى معي محبرة يا هذا أرى معك آلة رجلين أرجو ألا تكون أحدهما أتجالس أصحاب الحديث الأغثاث أم الأدباء من أصحاب النحو والشعر قلت الأدباء قال أتعرف ابا عثمان المازني قلت نعم اعرفه معرفة تامة قال أفتعرف الذي يقول فيه (وفتى من مازن * ساد أهل البصرة) (أمه معروفة * وأبوه نكره) قلت لا أعرفه قال أفتعرف غلاما له قد نبغ في هذا العصر معه ذهن وله حفظ وقد برز في النحو وجلس مجلس صاحبه وشاركه فيه يعرف بالمبرد فقلت أنا والله عين الخبير به قال فهل أنشدك شيئا من غثيثات أشعاره قلت لا أحسبه يحسن قول الشعرقال يا سبحان الله أليس الذي يقول (حبذا ماء العناقيد * بريق الغانيات) (بهما ينبت لحمي * ودمي أي نبات) (أيها الطالب أشهى * من لذيذ الشهوات) (كل بماء المزن تفاح * خدود الناعمات) قلت قد سمعته ينشدها في مجلس الأنس قال يا سبحان الله أو يستحب ان ينشد مثل هذا حول الكعبة ما تسمع الناس يقولون في نسبه قلت يقولون إنه من الأزد أزد شنوءة ثم من ثمالة قال قاتله الله ما أبعد غوره أتعرف قوله (سألنا عن ثمالة كل حي * فقال القائلون ومن ثماله) (فقلت محمد بن يزيد منهم * فقالوا زدتنا بهم جهاله)
(٣١٦)