عروة والأعمش وغيرهما وروى عن أحمد بن حنبل وأنظاره وهو كوفي قدم بغداد زمن هارون الرشيد فمكث بها مدة ثم رجع إلى الكوفة فمات بها ومن كلامه خف الله كأنك لم تطعه وارج الله كأنك لم تعصه وكان هارون الرشيد قد حلف أنه من أهل الجنة فاستفتى العلماء فلم يفته أحد بأنه من أهلها فقيل له عن ابن السماك المذكور فاستحضره وسأله فقال له هل قدر أمير المؤمنين على معصية فتركها خوفا من الله تعالى فقال نعم كان لبعض الزامي جارية فهويتها وانا إذ ذاك شاب ثم إني ظفرت بها مرة وعزمت على ارتكاب الفاحشة معها ثم إني فكرت في النار وهولها وأن الزنا من الكبائر فأشفقت من ذلك وكففت عن الجارية مخافة من الله تعالى فقال له ابن السماك أبشر يا أمير المؤمنين فإنك من أهل الجنة فقال هارون ومن أين لك هذا فقال من قوله تعالى * (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) * (النازعات: 40) فسر هارون بذلك ودخل على بعض الرؤساء يشفع إليه في رجل فقال له إني أتيتك في حاجة وإن الطالب والمطلوب منه عزيزان إن قضيت الحاجة ذليلان إن لم تقضها فاختر لنفسك عز البذل على ذل المنع واختر لي عز النجح على ذل الرد فقضى حاجته ومن كلامه من جرعته الدنيا حلاوتها بميله إليها جرعته الآخرة مرارتها بتجافيها عنه وتكلم يوما وجاريته تسمع كلامه فقال لها كيف سمعت كلامي فقالت هو حسن لولا انك تردده فقال أردده كي يفهمه من لم يفهمه فقالت إلى أن يفهمه من لم يفمهه يمله من فهمه واخباره ومواعظه كثيرة وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومائة بالكوفة رحمه الله تعالى والسماك بفتح السين المهملة والميم المشددة وبعد الألف كاف هذه النسبة إلى بيع السمك وصيده
(٣٠٢)