أسوأ الناس حالا من شكر الملوك بالباطل وأسوأ حالا منه من استخف بحقهم واعلم يا شعبي أن أقل من هذا يذهب بمالف الإحسان ويسقط حق الحرمة وان الصمت في موضعه وعند إصابته فرصة.
وكان أعرابي يجالس الشعبي ويطيل الصمت فقال له الشعبي يوما ألا تتكلم فقال أسكت فأسلم وأسمع فأعلم إن حظ المرء في أذنه له وفي لسانه لغيره.
وقال رجل للشعبي كلاما أقذع فيه فقال له ان كنت صادقا غفر الله لي وإن كنت كاذبا غفر الله لك.
وسئل الشعبي عن الرجل يعسر عن الأضحية ولا يجد ما يشتري فقال لأن اتركها وأنا موسر أحب إلي من أن اتكلفها وأنا معسر.
وقال الشعبي كانت درة عمر رضي الله عنه أهيب من سيف الحجاج وقال أيضا من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها.
وأحضر الشعبي بين يدي الحجاج وكان قد خرج مع ابن الأشعث فسلم على الحجاج بالإمرة ثم قال أيها الأمير إن الناس قد أمروني أن أعتذر إليك لغير ما يعلم الله وقيل إنه الحق وأيم الله لا أقول في هذا المقام إلا حقا قد والله خرجنا عليك وجهدنا كل الجهد فما كنا بالفجرة الأقوياء ولا البررة الأتقياء وقد نصرك الله علينا وأظفرك بنا فإن سطوت فبذنوبنا وما جرت إلينا أيدينا وان عفوت عنا فبحلمك وبعد فالحجة لك علينا فقال الحجاج أنت والله أحب إلي ممن يدخل علي يقطر سيفه من دمائنا ثم يقول ما فعلت وما شهدت قد أمنت عندنا يا شعبي فانصرف.
وقال له الحجاج يا شعبي ما كان عبد الرحمن يزجر حين رآني نزلت دير قرة ونزل هو دير الجماجم محاربا وكان أبدا يقول هذا الكلام على سبيل الفأل والزجر.