لو تاب من كفره لم تجز لعنته فكيف من تاب عن قتل وبم يعرف أن قاتل الحسين رضي الله عنه مات قبل التوبة وهو الذي يقبل التوبة عن عباده فإذن لا يجوز لعن أحد ممن مات من المسلمين ومن لعنه كان فاسقا عاصيا لله تعالى ولو جاز لعنه فسكت لم يكن عاصيا بالإجماع بل لو لم يلعن إبليس طول عمره لا يقال له يوم القيامة لم لم تلعن إبليس ويقال للاعن لم لعنت ومن أين عرفت أنه مطرود ملعون والملعون هو المبعد من الله عز وجل وذلك غيب لا يعرف إلا فيمن مات كافرا فإن ذلك علم بالشرع وأما الترحم عليه فهو جائز بل هو مستحب بل هو داخل في قولنا في كل صلاة اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات فإنه كان مؤمنا والله أعلم كتبه الغزالي وكانت ولادة الكيا في ذي القعدة سنة خمسين وأربعمائة وتوفي يوم الخميس وقت العصر مستهل المحرم سنة أربع وخمسمائة ببغداد ودفن في تربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي رحمه الله تعالى وحضر دفنه الشيخ أبو طالب الزينبي وقاضي القضاة أبو الحسن ابن الدامغاني وكانا مقدمي الطائفة الحنفية وكان بينه وبينهما في حال الحياة منافسة فوقف أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال ابن الدامغاني متمثلا (وما تغني النوادب والبواكي * وقد أصبحت مثل حديث أمس) وأنشد الزينبي متمثلا أيضا (عقم النساء فما يلدن شبيهه * إن النساء بمثله عقم) ولم أعلم لأي معنى قيل له الكيا وفي اللغة العجمية الكيا هوالكبير القدر المقدم بين الناس وهو بكسر الكاف وفتح الياء المثناة من تحتها وبعدها ألف وكان في خدمته بالمدرسة النظامية أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان الغزي الشاعر المشهور المقدم ذكره في حرف الهمزة فرثاه ارتجالا بهذه الأبيات على ما حكاه الحافظ ابن عساكر في تاريخه الكبير وهي
(٢٨٩)