وكتب فصلا طويلا ثم قلب الورقة وكتب لو مددت ببياض لمددت العنان في مخازي هذا الرجل وكتب فلان بن فلان وقد أفتى الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في مثل هذه المسألة بخلاف ذلك فإنه سئل عمن صرح بلعن يزيد هل يحكم بفسقه أم هل يكون ذلك مرخصا فيه وهل كان مريدا قتل الحسين رضي الله عنه أم كان قصده الدفع وهل يسوغ الترحم عليه أم السكوت عنه أفضل ينعم بإزالة الاشتباه مثابا فأجاب لا يجوز لعن المسلم أصلا ومن لعن مسلما فهو الملعون وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم ليس بلعان وكيف يجوز لعن المسلم ولا يجوز لعن البهائم وقد ورد النهي عن ذلك وحرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بنص النبي صلى الله عليه وسلم ويزيد صح إسلامه وما صح قتله الحسين رضي الله عنه ولا أمره ولا رضاه بذلك ومهما لم يصح ذلك منه لا يجوز أن يظن ذلك به فإن إساءة الظن بالمسلم أيضا حرام وقد قال تعالى * (اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم) * وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله حرم من المسلم دمه وماله وعرضه وأن يظن به ظن السوء) ومن زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين رضي الله عنه أو رضي به فينبغي أن يعلم به غاية حماقة فإن من قتل من الأكابر والوزراء والسلاطين في عصره لو أراد أن يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله ومن الذي رضي به ومن الذي كرهه لم يقدر على ذلك وإن كان قد قتل في جواره وزمانه وهو يشاهده فكيف لو كان في بلد بعيد وزمن قديم قد انقضى فكيف يعلم ذلك فيما انقضى عليه قريب من أربعمائة سنة في مكان بعيد وقد تطرق التعصب في الواقعة فكثرت فيها الأحاديث من الجوانب فهذا أمر لا تعرف حقيقته أصلا وإذا لم يعرف وجب إحسان الظن بكل مسلم يمكن إحسان الظن به ومع هذا فلو ثبت على مسلم أنه قتل مسلما فمذهب أهل الحق أنه ليس بكافر والقتل ليس بكفر بل هو معصية وإذا مات القاتل فربما مات بعد التوبة والكافر
(٢٨٨)