في صباه وكانت له قرية مثقلة الخراج بنواحي أستوا فرأى من الرأي أن يحضر إلى نيسابور يتعلم طرفا من الحساب ليتولى الاستيفاء ويحمي قريته من الخراج فحضر نيسابور على هذا العزم فاتفق حضوره مجلس الشيخ أبي علي الحسن بن علي النيسابوري المعروف بالدقاق وكان إمام وقته فلما سمع كلامه أعجبه ووقع في قلبه فرجع عن ذلك العزم وسلك طريق الإرادة فقبله الدقاق وأقبل عليه وتفرس فيه النجابة فجذبه بهمته وأشار عليه بالاشتغال بالعلم فخرج إلى درس أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي وشرع في الفقه حتى فرغ من تعليقه ثم اختلف إلى الأستاذ أبي بكر ابن فورك فقرأ عليه حتى أتقن علم الأصول ثم تردد إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني وقعد يسمع درسه أياما فقال الأستاذ هذا العلم لا يحصل بالسماع ولا بد من الضبط بالكتابة فأعاد عليه جميع ما سمعه منه تلك الأيام فعجب منه وعرف محله فأكرمه وقال له ما تحتاج إلى درس بل يكفيك أن تطالع مصنفاتي فقعد وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك ثم نظر في كتب القاضي أبي بكر ابن الطيب الباقلاني وهو مع ذلك يحضر مجلس أبي علي الدقاق وزوجه ابنته مع كثرة أقاربها وبعد وفاة أبي علي سلك مسلك المجاهدة والتجريد وأخذ في التصنيف فصنف التفسير الكبير قبل سنة عشر وأربعمائة وسماه التيسير في علم التفسير وهو من أجود التفاسير وصنف الرسالة في رجال الطريقة وخرج إلى الحج في رفقة فيها الشيخ أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين وأحمد بن الحسين البيهقي وجماعة من المشاهير فسمع معهم الحديث ببغداد والحجاز وكان له في الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء وأما مجالس الوعظ والتذكير فهو إمامها وعقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وذكره أبو الحسن علي الباخرزي في كتاب دمية القصر وبالغ في الثناء عليه وقال في حقه لو قرع الصخر بصوت تحذيره لذاب ولو ربط إبليس في مجلسه لتاب وذكره الخطيب في تاريخه وقال قدم علينا يعني إلى بغداد في سنة
(٢٠٦)