وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٣ - الصفحة ١٦٨
والفروع والأدب وغير ذلك وقد تقدم ذكر والده في العبادلة ورزق من التوسع في العبارة ما لم يعهد من غيره وكان يذكر دروسا يقع كل واحد منها في عدة أوراق ولا يتلعثم في كلمة منها وتفقه في صباه على والده أبي محمد وكان يعجب بطبعه وتحصيله وجودة قريحته وما يظهر عليه من مخايل الإقبال فأتى على جميع مصنفات والده وتصرف فيها حتى زاد عليه في التحقيق والتدقيق ولما توفي والده قعد مكانه للتدريس وإذا فرغ منه مضى إلى الأستاذ أبي القاسم الإسكافي الإسفرايني بمدرسة البيهقي حتى حصل عليه علم الأصول ثم سافر إلى بغداد ولقي بها جماعة من العلماء ثم خرج إلى الحجاز وجاور بمكة أربع سنين وبالمدينة يدرس ويفتي ويجمع طرق المذهب فلهذا قيل له إمام الحرمين ثم عاد إلى نيسابور في أوائل ولاية السلطان ألب أرسلان السلجوقي والوزير يومئذ نظام الملك فبنى له المدرسة النظامية بمدينة نيسابور وتولى الخطابة بها وكان يجلس للوعظ والمناظرة وظهرت تصانيفه وحضر دروسه الأكابر من الأئمة وانتهت إليه رياسة الأصحاب وفوض إليه أمور الأوقاف وبقي على ذلك قريبا من ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع مسلم له المحراب والمنبر والخطابة والتدريس ومجلس التذكير يوم الجمعة وصنف في كل فن منها كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب الذي ما صنف في الإسلام مثله قال أبو جعفر الحافظ سمعت الشيخ أبا إسحاق الشيرازي يقول لإمام الحرمين يا مفيد أهل المشرق والمغرب أنت اليوم إمام الأئمة وسمع الحديث من جماعة كبيرة من علمائه وله إجازة من الحافظ أبي نعيم الأصبهاني صاحب حلية الأولياء ومن تصانيفه الشامل في أصول الدين والبرهان في أصول الفقه وتلخيص التقريب والإرشاد
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»