وكان المنصور بعد قتله أبا مسلم كثيرا ما ينشد جلساءه قول بعضهم (طوى كشحه عن أهل كل مشورة * وبات يناجي عزمه ثم صمما) (وأقدم لما لم يجد ثم مذهبا * ومن لم يجد بدا من الأمر أقدما) قلت ومن هاهنا أخذ البحتري قوله في قصيدته التي مدح بها الفتح بن خاقان صاحب المتوكل على الله وقد لقي أسدا في طريقه فلم يقدم عليه الأسد فقتله الفتح وهي من غرر قصائده والمقصود منها قوله (فأحجم لما لم يجد فيك مطمعا * وأقدم لما لم يجد منك مهربا) والله أعلم وقد اختلف الناس في نسب أبي مسلم فقيل إنه من العرب وقيل من العجم وقيل من الأكراد وفي ذلك يقول أبو دلامة المقدم ذكره (أبا مجرم ما غير الله نعمة * على عبده حتى يغيرها العبد) (أفي دولة المنصور حاولت غدرة * ألا إن أهل الغدر آباؤك الكرد) (أبا مجرم خوفتني القتل فانتحى * عليك بما خوفتني الأسد الورد) ورومية بضم الراء وسكون الواو وكسر الميم وفتح الياء المثناة من تحتها وبعدها هاء ساكنة بناها الإسكندر ذو القرنين لما أقام بالمدائن وكان قد طاف الأرض شرقا وغربا كما أخبر عنه الباري تعالى في القرآن الكريم ولم يختر منها منزلا سوى المدائن فنزلها وبنى رومية المذكورة إذ ذاك والله أعلم
(١٥٥)