وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ٤١٣
للخادم اخرج إلى الديوان فجئني بفلان فإن بعث معك بغيره فقل أمرني أمير المؤمنين لا يدخل عليه غيره ففعل الخادم ذلك واستحكم في قلب أبي أيوب ما حذره وحدثته به نفسه فقال الغلام يا أمير المؤمنين قد تعرفت من أبي أيوب ما حذره وحدثته به نفسه فقال الغلام يا أمير المؤمنين قد تعرفت من أبي أيوب البغض وله غوائل لا يحيط بها علمي وأنا أخاف على نفسي فقال له أبو جعفر يا بني قد حاك ذلك في صدري فإذا كان الغد فتعرض لأن يغلظ لك فإذا أغلظ فقم وانصرف كأنك مغضب ولا تعد إلى الديوان واجعل وجهك إلى أمك وأوصل إليها هذا العقد وهذا الكيس وكتابي هذا واحمل أمك ومن اتبعها من قرابتك وأقبل فانزل في موضع كذا فإني منفذ إليك خادما يتفقد أمورك ويعرف خبرك فلا تطلعن أحدا من الخلق على ما معك وامض بهذا المال وهذا العقد وأحرزه أولا قبل رجوعك إلى الديوان ثم قال للخادم أخرجه من باب كذا وكذا فخرج الغلام فأحرز ما كان معه ثم رجع إلى الديوان وأبو أيوب في فكره من احتباسه عند المنصور ورجع الغلام بوجه بهج مسرور لا يخفى ذلك عليه وظهر الفرح في وجهه وشمائله فقال أبو أيوب أحلف بالله لقد رجع هذا الغلام بغير الوجه الذي مضى به ولقد دار بينه وبين أمير الؤمنين من ذكري ما سره فاستشعر الوحشة منه وصرف أكثر عمله عنه ثم لم ينشب أن أغلظ له فقال الغلام أنا إنسان غريب أطلب الرزق وأنت تستخف بي فكأني قد ثقلت عليك فأتنحى عنك قبل أن تطردني ثم قام وانصرف فافتقده أبو أيوب أياما ورأى أن أبا جعفر لا يسأل عنه ولا يذكره ثم إن نفس أبي أيوب نازعته إلى علم حقيقة خبره فأرسل من يسأل عنه في الموضع الذي كان نازلا به فقيل له إنه قد تهيأ وتجهز جهازا حسنا وشخص إلى أهله بالموصل فقال أبو أيوب في نفسه ومن أين له ما يتجهز به وكم مبلغ ما ارتزق معي وارتفق به لهذا الأمر وجعلت نفسه تزداد وحشة منه ومن خبره إلى أن قيل له قد كان أبو جعفر وصله بمال ووهب له شيئا فقال في نفسه هذا الذي ظننت وقد نصبه مكاني ويجوز أن يكون استأذنه في أن يخرج إلى أهله فيسلم عليهم ثم يرجع إليه فيقلده مكاني فقال لرجل من أصحابه اخرج إلى طريق الموصل قرية قرية برا وبحرا فإذا عرفت موضعه فاقتله وجئني
(٤١٣)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الرزق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»