وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ٢٣٦
من خربة وفي يده حجر فهم أن يرميني به فتترست منه بالمحبرة والدفتر فقال ماذا تقول أتشتمني قلت اللهم لا ولكني كنت عند أستاذنا أبي العباس المبرد فأنشدنا مرثية زياد الأعجم في المغيرة بن المهلب فقال إيه إيه أنشدني ما أنشدكم باردكم لا مبردكم فأنشدته الأبيات فقال والله ما جود الراثي ولا أنصف المرثي ولا أحسن الراوي قلت فما عساه أن يقول قال كان يقول (احملاني إن لم يكن لكما عقر * إلى جنب قبره فما بقراني) (وانضحا من دمي عليه فقد * كان دمي من نداه لو تعلمان) قال فقلت هل رأيت أحدا واسى أحدا بنفسه قال نعم هذا الفتح ابن خاقان طرح نفسه على المتوكل حتى خلط لحمه بلحمه ودمه بدمه ثم تركني وولى قال فلما عدت إلى المبرد قصصت عليه القصة فقال أتعرفه قلت لا قال ذلك خالد الكاتب تأخذه السوداء في أيام الباذنجان وقيل كبر خالد الكاتب حتى دق عظمه ورق جلده فوسوس قال بعضهم فرأيته ببغداد والصبيان يتبعونه ويصيحون به يا بارد يا بارد فأسند ظهره إلى قصر المعتصم وقال لهم كيف أكون باردا وأنا الذي أقول (بكى عاذلي من رحمتي فرحمته * وكم مثله من مسعد ومعين) (ورقت دموع العين حيتى كأنها * دموع دموعي لا دموع جفوني) وحكى أبو الحسن علي بن محمد بن مقلة قال حدثني أبي عن عمه قال اجتاز بي خالد الكاتب وأنا على باب داري بسر من رأى والصبيان حوله يولعون به فجاء إلي وسألني صرفهم عنه ففعلت وأدخلته داري فقلت له ما تشتهي تأكل قال هريسة فتقدمت بإصلاحها له فلما أكل قلت له أي شيء تحب بعد هذا قال رطب فأمرت بإحضاره فأكل فلما فرغ من أكله قلت أنشدني شيئا من شعرك فأنشدني قوله (تناسيت ما أوعيت سمعك يا سمعي * كأنك بعد الضر خال من النفع)
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»