ثم قال يا فتى هل أحسن عبد الصمد أن يجعل للسمع سمعا فقال لا ثم أنشد (لئن كان أضحى فوق خديه روضة * فإن على خدي غديرا من الدمع) ثم نهض فقال لنا المنشد من هذا فقلنا خالد الكاتب فعدا خلفه وانقطعت نعله وانقلبت محبرته حتى كتب البيتين ومن شعر خالد المذكور (هبك الخليفة حين يركب * في مواكبه وجنده) (أو هبك كنت وزيره * أو هبك كنت ولي عهده) (هل كنت تقدر أن تزيد * المبتلى بك فوق جهده) وقال ثعلب ما أحد من الشعراء تكلم في الليل إلا قارب إلا خالد الكاتب فإنه أبدع في قوله (رقدت فلم ترث للساهر * وليل المحب بلا آخر) (ولم تدر بعد ذهاب الرقاد * ما صنع الدمع بالناظر) فإنه لم يجعل لليل آخرا وقيل لخالد من أين قلت في قصيدتك وليل المحب بلا آخر فقال وقفت على باب وعليه سائل مكفوف وهو يقول الليل والنهار علي سواء فأخذت هذا منه وذكر ميمون بن حماه قال دخلت يوما على أبي عبد الله بن الأعرابي فقلت له أسمعت من شعر هذا الغليم شيئا قال من هو قلت خالد بن يزيد فقال لا وإني لأحب ذلك فصاح به فجاء حتى وقف عليه فقلت أشد أبا عبد الله من شعرك فقال إنما أقول في شجون نفسي ولا أمدح ولا أهجو فقلت أنشده فأنشده (أقول للسقم عد إلى بدني * شوقا لشيء يكون من سببك)
(٢٣٣)