فقال ابن الأعرابي حسبك يا غلام فقد خيل لي أن الرقة قد جمعت لك في هذا البيت قال جحظة حدثني خالد بن يزيد الكاتب قال لم أشعر إلا ورسول إبراهيم ابن المهدي قد وافاني فدخلت إليه فقال أنشدني شيئا من شعرك فأنشدته (رأت منه عيني منظرين كما رأت * من البدر والشمس المضيئة بالأرض) (عشية حياني بورد كأنه * خدود أضيفت بعضهن إلى بعض) (وناولني كأسا كأن حبابها * دموعي لما صد عن مقلتي غمضي) (وراح وفعل الراح في حركاته * كفعل نسيم الريح في الغصن الغض) فزحف حتى صار في ثلثي المصلى ثم قال يا بني شبه الناس الخدود بالورد وشبهت أنت الورد بالخدود ثم قال زدني فأنشدته (عاتبت نفسي في هواك * فلم أجدها تقبل) (وأجبت داعيها إليك * ولم أطع من يعذل) (لا والذي جعل الوجوه * لحسن وجهك تمثل) (لا قلت إن الصبر * عنك من التصابي أجمل) فزحف حتى صار خارج المصلى ثم قال زدني فأنشدته (ظفر الحب بقلب دنف * بك والسقم بجسم ناحل) (وبكى العاذل من رحمته * فبكائي لبكاء العاذل) فصاح وقال يا بليق كم معك من العين قال ستمائة وخمسون دينارا فقال اقسمها بيني وبينه واجعل الكسر للغلام كاملا وذكر أحمد بن صدقة المغني قال اجتزت بخالد الكاتب يوما فقلت له
(٢٣٤)