وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ١٥١
(25) وأما ابن المقفع فهو عبد الله بن المقفع الكاتب المشهور بالبلاغة صاحب الرسائل البديعة وهو من أهل فارس وكان مجوسيا فأسلم على يد عيسى بن علي عم السفاح والمنصور الخليفتين الأولين من خلفاء بني العباس ثم كتب له واختص به ومن كلامه شربت من الخطب ريا ولم أضبط لها رويا فغاضت ثم فاضت فلا هي هي نظاما وليست غيرها كلاما وقال الهيثم ابن عدي جاء ابن المقفع إلى عيسى بن علي فقال له قد دخل الاسلام في قلبي وأريد أن أسلم على يدك فقال له عيسى ليكن ذلك بمحضر من القواد ووجوه الناس فإذا كان الغد فاحضر ثم حضر طعام عيسى عشية ذلك اليوم فجلس ابن المقفع يأكل ويزمزم على عادة المجوس فقال له عيسى أتزمزم وأنت على عزم الإسلام فقال أكره أن أبيت على غير دين فلم أصبح أسلم على يده وكان ابن المقفع مع فضله يتهم بالزندقة فحكى الجاحظ أن ابن المقفع ومطيع بن إياس ويحيى بن زياد كانوا يتهمون في دينهم قال بعضهم فكيف نسي الجاحظ نفسه وكان المهدي بن المنصور الخليفة يقول ما وجدت كتاب زندقة إلا وأصله ابن المقفع وقال الأصمعي صنف ابن المقفع المصنفات الحسان منها الدرة اليتيمة التي لم يصنف في فنها مثلها وقال الأصمعي قيل لابن المقفع من أدبك فقال نفسي إذا رأيت من غيري حسنا أتيته وإن رأيت قبيحا أبيته واجتمع ابن المقفع بالخليل بن أحمد صاحب العروض فلما افترقا قيل للخليل كيف رأيته فقال علمه أكثر من عقله وقيل لابن المقفع كيف رأيت الخلل فقال عقله أكثر من عمله ويقال إن ابن
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»