وحديثهم وحروبهم وخروجهم على الخلفاء والملوك مشهور فلا حاجة إلى الإطالة بشرحه في هذا المكان بل إن يسر الله تعالى تحرير التاريخ الكبير فسأذكر فيه حديثهم مستوفى إن شاء الله تعالى وبعد أن جرى ذكرهم فينبغي أن نذكر منه فصلا مختصرا ههنا حتى لا يخلو هذا الكتاب من حديثهم فأقول إن شيخنا عز الدين أبا الحسن علي بن محمد المعروف بابن الأثير ذكر في تاريخه الكبير الذي سماه الكامل أول أمرهم وأطال الحديث فيه وشرح في كل سنة ما كان يجري لهم فيها فاخترت ههنا شيئا من ذلك طلبا للإيجاز وأول ما شرع فيه في سنة ثمان وسبعين ومائتين فقال في هذه السنة تحرك قوم بسواد الكوفة يعرفون بالقرامطة ثم بسط القول في ابتداء أمرهم وحاصله أن رجلا أظهر العبادة والزهد والتقشف وكان يسف الخوص ويأكل من كسبه وكان يدعو الناس إلى إمام من أهل البيت رضي الله عنهم وأقام على ذلك مدة فاستجاب له خلق كثير وجرت له أحوال أوجبت له حسن الاعتقاد فيه وانتشر ذكرهم بسواد الكوفة (23) ثم قال شيخنا ابن الأثير بعد هذا في سنة ست وثمانين ومائتين وفي هذه السنة ظهر رجل من القرامطة يعرف بأبي سعيد الجنابي بالبحرين واجتمع إليه جماعة من الأعراب والقرامطة وقوي أمره فقتل من حوله من أهل تلك القرى وكان أبو سعيد المذكور يبيع للناس الطعام ويحسب لهم بيعهم ثم عظم أمرهم وقربوا من نواحي البصرة فجهز إليهم الخليفة المعتضد بالله جيشا يقاتلهم مقدمه العباس بن عمرو الغنوي فتواقعوا وقعة شديدة وانهزم أصحاب العباس وأسر العباس وكان ذلك في آخر شعبان سنة سبع وثمانين فيما بين البصرة والبحرين وقتل أبو سعيد الأسرى وأحرقهم واستبقى
(١٤٧)