ابن وهب ولاه يريد الموصل فأقام بها أقل من سنتين ثم مات بها والذي يدل على أن القضية ليست صحيحة أن هذه القصيدة ما هي في أحد من الخلفاء بل مدح بها أحمد بن المعتصم وقيل أحمد بن المأمون ولم يل واحد منهما الخلافة والحيص بيص ذكر في رقاعه السبع اللاتي كتبها إلى الإمام المسترشد يطلب منه بايعقوبا أن الموصل كانت إجازة لشاعر طائي فإما أنه بنى الأمر على ما قاله الناس من غير تحقيق أو قصد أن يجعل هذا ذريعة لحصول بايعقوبا له والله أعلم وتابعه في الغلط ابن دحية في كتاب النبراس وذكر الصولي أن أبا تمام لما مدح محمد بن عبد الملك الزيات الوزير بقصيدته التي منها قوله (ديمة سمحة القياد سكوب * مستغيث بها الثرى المكروب) (لو سعت بقعة لإعظام أخرى * لسعى نحوها المكان الجديب) قال له ابن الزيات يا أبا تمام إنك لتحلي شعرك من جواهر لفظك وبديع معانيك ما يزيد حسنا على بهي الجواهر في أجياد الكواعب وما يدخر لك شيء من جزيل المكافأة إلا ويقصر عن شعرك في الموازاة وكان بحضرته فيلسوف فقال له إن هذا الفتى يموت شابا فقيل له ومن أين حكمت عليه بذلك فقال رأيت فيه من الحدة والذكاء والفطنة مع لطافة الحس وجودة الخاطر ما علمت به أن النفس الروحانية تأكل جسمه كما يأكل السيف المهند غمده وكذا كان لأنه مات وقد نيف على ثلاثين سنة قلت وهذا يخالف ما سيأتي في تاريخ مولده ووفاته بعد هذا إن شاء الله تعالى
(١٦)