وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ١ - الصفحة ٢١٨
وجاءها من بغداد وكان حنفي المذهب تتوقع الاجتماع بالمزني مدة فلم يتفق له فاجتمعا يوما في صلاة جنازة فقال القاضي بكار لأحد أصحابه سل المزني شيئا حتى أسمع كلامه فقال له ذلك الشخص يا أبا إبراهيم قد جاء في الأحاديث تحريم النبيذ وجاء تحليله أيضا فلم قدمتم التحريم على التحليل فقال المزني لم يذهب أحد من العماء إلى أن النبيذ كان حراما في الجاهلية ثم حلل ووقع الاتفاق على أنه كان حلالا فهذا يعضد صحة الأحاديث بالتحريم فاستحسن ذلك منه وهذا من الأدلة القاطعة وكان في غاية الورع وبلغ من احتياطه أنه كان يشرب في جميع فصول السنة من كوز نحاس فقيل له في ذلك فقال بلغني أنهم يستعملون السرجين في الكيزان والنار لا تطهرها وقيل إنه كان إذا فاتته الصلاة في جماعة صلى منفردا خمسا وعشرين صلاة استدراكا لفضيلة الجماعة متسندا في ذلك إلى قوله صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين درجة وكان من الزهد علي طريقة صعبة شديدة وكان مجاب الدعوة ولم يكن أحد من أصحاب الشافعي يحدث نفسه في شيء من الأشياء بالتقدم عليه وهو الذي تولى غسل الإمام الشافعي وقيل كان معه أيضا حينئذ الربيع وذكره ابن يونس في تاريخه وسماه وجعل مكان اسم جده إسحاق مسلما ثم قال صاحب الشافعي وذكر وفاته كما تقدم وقال كانت له عبادة وفضل ثقة في الحديث لا يختلف فيه حاذق من أهل الفقه وكان أحد الزهاد في الدنيا وكان من خير خلق اللهه عز وجل ومناقبه كثيرة وتوفي لست بقين من شهر رمضان سنة أربع وستين ومائتين بمصر ودفن بالقرب من تربة الإمام الشافعي رضي اللهه عنه بالقرافة الصغرى بسفح المقطم رحمه الله تعالى وزرت قبره هناك وذكر ابن زولاق في تاريخه الصغير أنه عاش تسعا وثمانين سنة وصلى عليه الربيع بن سليمان المؤذن المرادي
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»