وتركوا للحرب، فلم تقم لهم قائمة، ويأكلون من وقعت عليه نهشا، ولا يزول أحدهم من مركزه دون أن يقتل وللعرب في قلوب الزنج هيبة عظيمة، فإذا عاينوا رجلا منهم سجدوا له وقالوا هذا ابن مملكة تنبت في بلادهم شجر التمر، لجلالة التمر في صدورهم ولأن العرب إنما يصرفون صبيانهم بالتمر وفيهم خطباء بلغاء بألسنتهم، ومن يتعبد منهم يستتر بجلد نمر، ويأخذ بيده عصا، ويجتمع إليه الناس ويقف على رجله من أول النهار إلى الليل يخطب ويذكرهم الله تعالى، ويذكر لهم أمور من ملك منهم، ومن مضى من الملوك.
وجزيرة سقطرى وبها منابت الصبر السقطري، وموضعها بين بلاد الزنج وبين بلاد العرب، وأكثر أهلها نصارى.
والسبب في ذلك أن الإسكندر لما غلب على ملوك فارس وقتل فور (1) الهندي، وكان يكاتب أرسطاطاليس بما يجري من امره، ويعرفه بما وقف عليه وغلبه عليه من الممالك، وكان أرسطاطاليس يكتب إليه ويؤكد عليه في طلب جزيرة في البحر تعرف بسقطرى لان بها منابت الصبر السقطري، وبها الدواء العظيم الذي لا تتم الايارجات إلا به، وأن الجزيرة إن وجدها لا ينتقل عنها حتى يصلح عمارتها ويسكنها قوما من اليونانيين ويطوف (2) لهم بملكها والحفظ لها (3) ففعل الإسكندر ذلك، وتقدم إلى ملوك الطوائف بالاحتفاظ بها، وكان ذلك حتى بعث السيد عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم وتنصرف الروم ودخل هؤلاء في الجملة وتنصروا مع الناس فبقاياهم بها إلى هذا الوقت مع سائر من يسكنها من عندهم، وفي البحر الكبير الذي عن يمين الخارج من عمان جزائر