فأنفق المؤمن ماله في وجوه البر حتى باع حصته منا من أخيه، وفرق الذي أخذ بها في وجوه البر فأفلحها، وزاد فيها عروشا كثيرة، وأجرى فيها أنهارا، وبني فيها بنيانا، واحتاج أخوه إلى ما في يده فكان يمنعه ويفتخر عليه بما له، من المال والجنة فخاطبه أخوه في بعض الأيام مبسطا عليه فقال له: أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا، فقال له أخوه: فما أراك شاكرا لله تعالى على ما أعطاك، ويوشك أن ينزع ذلك منك، ويقال إنه دعى عليه فغرق ماء البحر جميع ما كان له في ليلة واحدة حتى كأن لم يكن قبل ذلك. وقيل إن هذين الرجلين اللذين ذكرهما الله تعالى في كتابه فقال (واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين إلى قوله أحدا) وكانت تنيس عظيمة، لها مائة باب وباقي ذكرها عند ذكر مدائن مصر إن شاء الله تعالى.
وقيل إن بحيرة تنيس تعذب وقت مجئ النيل وتقيم ستة أشهر حلوة ثم تملح وبالقرب (منها) عين لا يخرج ماؤها إلا عند أوقات الصلوات فيتوضأ منها ثم تفيض لذلك عند وقت كل صلاة، وهي معروفة تسمى عين الأوقات.
ولأهل الهند نهر عظيم معهم (1) عليه شجرة باسقة من حديد أو نحاس وتحتها وعمود من نحاس أو حديد مثبت في الأرض مائل إلى الماء طوله على الأرض عشرة أذرع وعرضه نحو الذراع، ويزيد قليلا، في رأسه ثلاث شعب غلاظ مستوية محدودة كالمنار، وعنده رجل يقرأ كتابا ويقول للنهر: يا عظيم البركة، وسيل الجنة، أنت الذي خرجت من عين الجنة، ودللت الناس عليها فطوبى لمن صعد هذه الشجرة وألقى نفسه على هذا العمود، فينتدب الواحد لذلك والعدة ممن حوله ويصعدون على تلك الشجرة، ويلقون أنفسهم .