وعمل هيكلا للكواكب، وكان أبوه البودشير أول من أقام للكواكب هيكلا، فتبعه ابنه على ذلك، ومضى إلى جزء صابي فعمل به منارة على رأسها امرأة من أخلاط ترى الناظر إليها جميع الأقاليم.
ثم رجع إلى أبيه فولاه الملك بعده وعهد إليه بما أراد ووصاه، ثم مات أبوه فلما أودعه الناووس، وفرغ منه جلس على سرير الملك شدات (1) الملك، وهو الذي بنى الاعلام بالدهشور بالأحجار التي قطعت في زمان أبيه.
وقال الذين ينكرون أن العادية دخلت مصر انما غلط الناس في اسم شدات فقالوا شداد بن عاد لكثرة ما يجري على ألسنتهم شداد وقلة ما يجري شدات.
وما قدر أحد قط من الملوك أن يدخل مصر الا عبد لبخت نصر بما قدمه من الحيل في افساد طلسماتها.
وشدات الملك هو الذي عمل مصاحف الزيجات التي يذكر فيها الملوك، ويقال انه وجد في بعض رموزهم ومصاحف كهانهم ان الملك بودشير بن قفطويم لما أجهد نفسه في عبادة الأنوار العلوية، وعرف ان روحانياتها قد صارت فيه حبب إليها نفسه، وجوعها واستغنى جسده عن الطعام والشراب، فلما أدمن ذلك اشتاقته الأنوار العلوية واشتاقها، فرفعته إلى مواضعها، وبرأته من شرور الأرض المؤلمة، وجعلته نورا سابحا داخلا في نورها، يتصرف بتصرفها، فطوبى له من كاهن عرفت له كهانته، وأكرم بها وصير ملكا، فسبيل من بعده ان يبلغ خطته ويجعل بمثابته.
وهذا الكلام وشبيهه تضليل للناس لأنهم كانوا يتعبدون للكواكب، فيقولون مثل هذا ترغيبا في دينهم.