ولا يؤكل، ويعلوها ولا يعلى، فلذلك سميت قريش قريشا، ألم تسمع قول الشاعر:
إن قريشا هي التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشا (1) سلطت بالعلو في لجة البحر * على ساكن البحور جيوشا [29 ب] يأكل الغث والسمين ولا يترك * فيها لذي الجناحين ريشا هكذا في البلاد حي قريش * يأكلون البلاد أكلا كشيشا ولهم آخر الزمان نبي * يكثر القتل فيهم والحموشا يملأ الأرض خيله ورجال * يحسرون المطي حسرا كميشا فقال معاوية: أشهد أنك كلماني قومك. فلما خرج ابن عباس قال معاوية لسعيد: ما كلمته قط إلا رأيته مستعدا.
قال: لما قدم معاوية المدينة في أول مقدمه تلقاه الناس ولم يأته ابن عباس، فلما دخل المسجد ومعه عمرو بن العاص، نظر إلى ابن عباس في ناحية المسجد، وابن عمر قريب منه، فقال معاوية لعمرو: ألا تحرك ابن عباس؟ قال عمرو: لا يا أمير المؤمنين، فإنه من قوم لم يفضحهم الله قط بألسنتهم، قال: علي ذاك، قال: أنت أعلم. فأقبل معاوية مع عمرو حتى وقفا على ابن عباس، فقال معاوية: يا ابن عباس! ما منعك أن تلقاني مع نظرائك من بني أبيك؟ قال: لم يقض ذلك. قال: فلعل الذي كان بيني وبين ابن عمك منعك. قال: هو ذاك. قال معاوية: فإن الله قد نصرني عليه لما علم من نيتي. قال: وما علم من نيتك يا معاوية، أن آمن وكفرت، ونصر وخذلت، وقام وقعدت؟ قال: لا، ولكني لطلبي [30 أ] بدم عثمان،