دخلا حجرة علي، فجلس أبو مسلم معه ساعة ثم دعا بالغداء، وقد هيأ له طعاما كثيرا ولمن معه، فقال: لست أطعم اليوم شيئا (1)، ثم نهض، فقال له علي: [151 ب] لو لقيت شيبان فإن في لقائك إياه كف عاديته، وما يدعوه نصر إليه من محاربتك، فقال: إني أكره أن أسلم عليه بالامرة (2)، ولست أستحل ذلك، فتقدمني ثم اجلس فإني أسلم بالامرة وأعنيك بذلك. فركب علي فدخل على شيبان وجلس معه، فأقبل أبو مسلم فدخل على شيبان فسلم عليه بالامرة وجلس فدعا له شيبان بشربة عسل، فقال أبو مسلم: أنا صائم، فحمله شيبان على برذون أبلق من نتاج أبي نميلة الأزدي. وخرج أبو مسلم فأتى سرادق علي وجلس معه ساعة، وأظهر تأميره على نفسه وحمله على برذون. فبلغنا أن أبا مسلم قال لعلي: إنك قد أعطيت من نفسك في القيام بدعوة آل محمد ما أرجو أن يجمع الله [به] (3) خير الدنيا والآخرة، ولك الولاية علينا، وعلينا طاعتك، وليس يلتئم بينك وبين أهل هذه الدعوة وبين شيبان، لان أصل شيبان وما يدين (4) البراءة من علي، ونحن نخالفه في ذلك، فإن لم تباينه فاعمل في ذهابه عنا لنقبل على قتال نصر ومن معه، فإني لست آمنا أن يخدعه نصر ومن في هذه الكور التي في يدي شيبان من إخواننا، فيتغير لنا شيبان عما هو عليه، وقد اعتذرنا إليه من إيقاع أهل نسا بعاصم، ومن يأتيه بمثل ذلك من غير أهل تلك الناحية تبطل عنده ما اعتذرنا به ويرى (5) أنا سنصول عليه. فقال له علي: أنا عامل [152 أ] ذلك وكافيك
(٣٠٨)