وقد روى أن متمم بن نويرة دخل على عمر بن الخطاب فقال له: ما بلغ من وجدك على أخيك مالك؟ قال: بكيته حولا حتى أسعدت عيني الذاهبة عيني الصحيحة، وما رأيت نارا إلا كدت أنقطع لها أسفا عليه، لأنه كان يوقد ناره إلى الصبح مخافة أن يأتيه ضيف فلا يعرف مكانه. قال: فصفه لي. قال:
كان يركب الفرس الجرور، ويقود الجمل الثفال، وهو بين المزادتين النضوحين في الليلة القرة، وعليه شملة فلوت، معتقلا رمحا خطلا، فيسري ليلته ثم يصبح، وكان وجهه فلقة قمر. قال: فأنشدني بعض ما قلت فيه. فأنشده مرثيته التي يقول فيها:
وكنا كندماني جذيمة حقبة * من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فقال عمر: لو كنت أحسن قول الشعر لرثيت أخي زيدا. فقال: متمم:
ولا سواء يا أمير المؤمنين! لو كان أخي صرع مصرع أخيك ما بكيته. فقال عمر: ما عزاني أحد بأحسن مما عزيتني.
286 - قالوا: وتنبأت أم صادر سجاح بنت أوس بن حق بن أسامة ابن الغنيز بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ويقال هي سجاح بنت الحارث بن عقفان بن سويد بن خالد بن أسامة، وتكهنت. فاتبعها قوم من بنى تميم وقوم من أخوالها بنى تغلب. ثم إنها سجعت ذات يوم فقالت:
إن رب السحاب، يأمركم أن تغزوا الرباب. فغزتهم فهزموها، ولم يقاتلها أحد غيرهم، فأتت مسيلمة الكذاب وهو بحجر فتزوجته، وجعلت دينها ودينه واحدا. فلما (ص 99) قتل صارت إلى إخوانها فماتت عندهم.
وقال ابن الكلبي: أسلمت سجاح وهاجرت إلى البصرة وحسن إسلامها.