والمشركون، فولى المسلمون مدبرين حتى بلغوا الرحال. فقام السائب بن العوام فال: أيها الناس! قد بلغتم الرحال فليس لامرئ مفر بعد رحله. فهزم الله المشركين وقتل مسيلمة. وكان شعارهم يومئذ: يا أصحاب سورة البقرة.
269 - وحدثني بعض أهل اليمامة أن رجلا كان مجاورا في بنى حنيفة، فلما قتل محكم أنشأ يقول: (ص 89).
فإن أنج منها أنج منها عظيمة * وإلا فإني شارب كأس محكم 270 - قالوا: وكانت الحرب قد نهكت المسلمين وبلغت منهم، فقال مجاعة لخالد: إن أكثر أهل اليمامة لم يخرجوا لقتالكم، وإنما قتلتم منهم القليل وقد بلغوا منكم ما أرى، وأنا مصالحكم عنهم. فصالحه على نصف السبي ونصف الصفراء والبيضاء والحلقة والكراع. ثم إن خالدا توثق منه وبعثه إليهم، فلما دخل اليمامة أمر الصبيان والنساء ومن باليمامة من المشايخ أن يلبسوا السلاح ويقوموا على الحصون. ففعلوا ذلك. فلم يشك خالد والمسلمون حين نظروا إليهم أنهم مقاتلة، فقالوا: لقد صدقنا مجاعة. ثم إن مجاعة خرج حتى أتى عسكر المسلمين فقال: ان القوم لم يقبلوا ما صالحتك عليه عنهم واستعدوا لحربك، وهذه حصون العرض مملوءة رجالا، ولم أزل بهم حتى رضوا بأن يصالحوا على ربع السبي ونصف الصفراء والبيضاء والحلقة والكراع. فاستقر الصلح على ذلك، ورضى خالد به وأمضاه، وأدخل مجاعة خالدا اليمامة. فلما رأى من بقى بها قال: خدعتني يا مجاع. وأسلم أهل اليمامة فأخذت منهم الصدقة. وأتى خالدا كتاب أبى بكر رضي الله عنه بإنجاد العلاء بن الحضرمي، فسار إلى البحرين واستخلف على اليمامة سمرة بن عمرو العنبري. وكان فتح اليمامة سنة اثنى عشر.