العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٤١
وقد هتك اليأس لطول ما لقى حجاب قلبه. ونقض قوى طمعه حتى بقى وليس معه إلا احتسابه. ومقاتل في عسكر معه عز الرجاء (1) وقوة الطمع، وطيب نفس الآمل (2).
فليس لعلى موقف من المواقف إلا ولابى بكر أفضل منه إما في ذلك الموقف وإما في غيره. ولابى بكر مواقف لا يشركه فيها على ولا غيره.
وإنما محص على وامتحن من لدن يوم بدر إلى آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم (* وبين المحنة في الدهر الذي كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيه مقرنين لأهل مكة ومشركي العرب ومعهم أهل يثرب أصحاب النخيل والآطام، والارب والاقدام، والصبر والمواساة. والايثار والمحاماة.
والعدد الدثر والفعل الجزل، وبين الدهر الذي كانوا فيه بمكة يفتنون ويشتمون ويضربون ويشردون، ويجوعون ويعطشون، مقهورين لا حراك بهم. وأذلاء، لا دفع عندهم، وفقراء لا مال لهم. ومغيظين ولا يمكنهم السفهاء (3)، ومستخفين لا يمكنهم اللقاء (4) - فرق بين.
ولقد كانوا في حال أخرجت لوطا - وهو نبي، والنبي خير من جميع الناس - إلى أن قال لقومه حين لقى منهم ما لقى: " لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد ". [وقال النبي صلى الله عليه وآله:
" عجبت من أخي لوط كيف قال: أو آوى إلى ركن شديد (5)] وهو يأوى إلى الله سبحانه!

(1) في الأصل: " غير الرجا " وفى ب: " عز الرجال " ووجههما ما أثبت.
(2) هذا نهاية الاختيار الذي بدأ في ص 39 س 12.
(3) كذا. ولعل قبلها كلمة ساقطة.
(4) عند ابن أبي الحديد: " لا يمكنهم إظهار دعوتهم ".
(5) التكملة من ح.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»