العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٥٢
أمرهما غير عامر بن فهيرة مولى أبى بكر، بدري استشهد يوم بئر معونة، فإنه كان يؤنسهما ويحدثها ويخدمهما في تلك السفرة كلها. وكانت أسماء هي التي تأتيهم بأقواتهم في الغار، فكان صاحبه في الغار، وبمكة في طريقه إلى المدينة، وعلى ظهره ركب النبي صلى الله عليه وسلم (1)، والنفاثي أجيره (2) وعامر بن فهيرة خادم النبي صلى الله عليه ومؤنسه عتيقه ثلاث مرات (3) ومولاه، والظهر ظهره، والمؤونة مؤونته، وصحبة النبي صلى الله عليه وسلم مقصورة عليه، محبوسة له. مصونة عن سواه، يطلبان معا، وتجعل فيهما قريش شيئا سواء.
وقالت الأنصار: لما سمعنا بمخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقدومه كنا نخرج إلى ظاهر حرتنا ننتظره، حتى إذا لم نجد ظلا دخلنا، وذلك في أيام حارة، حتى إذا كان في اليوم الذي قدم فيه النبي صلى الله عليه وسلم فعلنا ذلك ثم دخلنا منازلنا، فكان أول من أبصره رجل من يهود، فصاح: يا بني قيلة (4)!! فخرجنا إلى النبي صلى الله عليه

(1) كان لأبي بكر راحلتان أعدهما للهجرة، ركب إحداهما رسول الله. قال ابن إسحاق:
" فلما قرب أبو بكر الراحلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم له أفضلهما ثم قال له:
اركب، فداك أبي وأمي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أركب بعيرا ليس لي.
قال: فهي لك يا رسول الله بأبي أنت وأمي. قال: لا، ولكن بالثمن الذي ابتعتها به؟ قال:
كذا وكذا. قال: أخذتها به. قال: هي لك يا رسول الله ". السيرة 329.
(2) النفاثي: نسبة إلى نفاثة بن عدي بن الديل بن بكر. واسمه عبد الله بن أريقط، وكان مشركا يدلهما على الطريق. قال ابن حجر في الإصابة 4517: " ولم أر من ذكره في الصحابة إلا الذهبي في التجريد. وقد جزم ابن عبد الغنى المقدسي في السيرة له بأنه لم يعرف له إسلاما ".
(3) انظر ما سبق في ص 32 س 9 - 10 وص 33 س 3.
(4) قبلة هي أم الأوس والخزرج. وهى قيلة بنت كاهل بن عذرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة. السيرة 140. وفى السيرة 334: " يا بنى قيلة هذا جدكم قد جاء " وفى إمتاع الاسماع 45: " هذا جدكم الذي تنتظرون ".
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»