العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٤٠
سجالا، وقد أعلمهم الله أن العاقبة للمتقين، وأبو بكر مفتون مفرد (1) [ومطرود مشرد، ومضروب معذب (2)] في الزمان الذي ليس بالاسلام وأهله نهوض ولا حركة، ولذلك قال أبو بكر بعد أن استفاض الاسلام وضرب بجرانه وظهر أمره: " طوبى لمن مات في نأنأة الاسلام " يقول:
في أيام ضعفه وقلته *)، حيث كانت الطاعة أعظم. لفرط الاحتمال، والبلاء أغلظ، لشدة الجهد، لان الاحتمال كلما كان أشد وأدوم كانت الطاعة أفضل، والعزم فيه أقوى.
ولا سواء مفتون مشرد لا حيلة عنده، ومضروب معذب لا انتصار به ولا دفع عنده، ومباطش مقرن (3) [يشفى غيظه ويرون غليله، وله مقدم يكنفه ويشجعه.
ولا سواء مقهور (4)] لا يغاث (5)، ولم ينزل القرآن بعد بظفره،

(1) في الأصل: " مقتول " صوابه في ب. وبدل " مفرد " في ب " معذب ".
(2) التكملة من ب. و " معذب " هي في أصلها هنا " ومغرب ".
*) ساق الإسكافي الكلام من " قلنا إن أبا بكر " ص 39 س 9 إلى هنا على هذا الوجه: " قال الجاحظ: ولابى بكر مراتب لا يشركه فيها على ولا غيره وذلك قبل الهجرة فقد علم الناس أن عليا عليه السلام إنما ظهر فضله وانتشر صيته وامتحن ولقى المشاق منذ يوم بدر، وأنه إنما قاتل في الزمان الذي استوى فيه أهل الاسلام وأهل الشرك وطمعوا في أن تكون الحرب بينهم سجالا، وأعلمهم الله تعالى أن العاقبة للمتقين. وأبو بكر كان قبل الهجرة معذبا ومطرودا مشردا. في الزمان الذي ليس بالاسلام وأهله نهوض ولا حركة، ولذلك قال أبو بكر في خلافته: طوبى لمن مات في نأنأة الاسلام. يقول: في ضعفه " ثم عقب عليه بالرد رقم (14) في ملحقات الكتاب.
(3) المباطشة: مفاعلة من البطش وهو السطوة والاخذ بالعنف. والمقرن: المطيق القادر. ب: " مفرق ".
(4) التكملة من ب.
(5) في الأصل: " لا يعاب " صوابه في ب.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»